حملة إسقاط الولاية ليست حديثة العهد حتى يتم التشكيك في توقيتها، وليست مبنية على إفتراءات وأوهام حتى يتم التشكيك في منشأها وأفرادها، بل تعود سنين للوراء وتاريخ المطالبات متوفر لمن يبحث على الإنترنت وهي مبنية على أنظمة رسمية موثَّقة وسارية ومظالم مثبتة بالخطابات والصكوك والأحكام. ولذلك فهي تاريخية وباقية إلى أن تتحرر المرأة من قيود ما أنزل الله بها من سلطان. ومع يقيني التام بشرعية المطالب فيها واستمراريتها المستمدة من شرعيتها وسلميتها، أود أن أتخلص من عبء المعارضين لها سواء من يعارض لمبررات واضحة ومرتبطة بالقضية أو أولئك الذين يعارضون من أجل معارضة أشخاص بعينهم أو حزب بعينه أو مجرد غطرسة وتعنت. من ناحية شرعية لا ولاية للرجل على المرأة إلا في زواج البكر وحتى هذا التشريع عليه اختلاف والأصل أنه لا ولاية على بالغ عاقل مكلَّف سواء كان ذكرا أم أنثى. وقد أيد هذا الرأي شيوخ ومفتون معتبرون ومنهم عضو في هيئة كبار العلماء في السعودية. ومن ناحية عقلانية منطقية _ولا يُستساغ أن يأتي الدين بما يخالف العقل والمنطق_ فليسأل المعارضون لولاية المرأة البالغة على نفسها أنفسهم: كيف يخبرنا الله تعالى بأنه خلق الذكر والأنثى سواسية وأن أكرمهم عند الله أتقاهم وأنهم متساوون في التكليف والحساب والجزاء ثم يكون لأحدهم وصاية على الآخر؟ فالمعروف أن الوصاية لا تكون إلا على قاصر أو مجنون غير مكلف وبالتالي يسقط عنه الحساب، فلا يحاسب من أمره ليس بيده. فإن افترضنا أن الأصل أن لا يكون أمر المرأة بيدها ولا هي حُرَّة الإختيار فكيف تُحاسب وتُعاقب سواسية كما الرجل! أما بالنسبة لمن يضيق أفقهم عن فهم القضية الأم والتركيز عليها فيلتفتون لأشخاص يدعمون القضية ويحصرون حكمهم على القضية في نفس إطار حكمهم على الأشخاص ذاتهم فأولئك يظلمون أنفسهم ويظلمون القضية. ما ذنب من يعانون معاناة صادقة من تبعات الولاية الجائرة _وهم نصف أمة_ إذا قرر فلان صهيوني أو علان نصراني أو آخر مسلم لا تطيقه لسبب أو لآخر أن يدعموا قضية وجدوها تستحق الدعم؟! و تحكم الضرورة أن أتطرق لمعارضة ذكور متمسكين بسلطتهم على النساء ولا يهمهم إن كان لهم في ذلك حق طالما أن شيخاً أفتى وهم يستظلون بظله، أقول لهؤلاء أنهم محاسبون على إعراضهم عن الحق بعدما جاءهم ولا تزر وازرة وزر أخرى ولن ينفعكم شيخكم يوم يتظلَّم نساؤكم أمام العادل. وفئة أخرى من الإناث تعامت عن حق بنات جنسها في حريتهن لأنها ببساطة "شاء وليها" أن يعطيها حريتها بدون عناء، وأخرى وجدت في إستعبادها متعة اللامسؤولية وشماعة البلادة فتمسَّكت بالولاية بكل ما أوتيت من ضعف! أحرى بالذكور أن يضعوا أنفسهم مكان شقائقهم الإناث ليعترفوا بأنهم لن يتحملوا يوما أو بعض يوم من وصاية إنسان آخر عليهم وهم بالغين وبكامل قواهم العقلية فما بالهم بوصاية من هم أنقص منهم عمراً وأهلية وعلماً. وأحرى بالإناث أن يتمتعن بحريتهن المشروطة بموافقة أوليائهم وبالتالي فقد تنقلب على رؤوسهن يوما أو أن يتمتعن بعبوديتهن شرط ألا يعرقلن محاولات أخواتهن لإسقاط ولاية لم يأت بها الشرع وبالتالي يحرمن الأخريات من إختيار مصيرهن إلا بحكم قاضي قد يكون هو الآخر جائراً. @tamadoralyami [email protected]