سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لماذا يلحدون؟ (3-3) لابد من تصحيح الخطاب الديني، بتجريده من الموروثات الفكرية والثقافية التي لا تمت للدين بصلة، وتنقيته من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ومن الأحكام الفقهية والقضائية التي بُنيت عليها
أواصل حديثي عن العوامل غير المباشرة التي ساعدت المخططين لتضليل شباب الإسلام وتشكيكهم في دينهم وجرهم إلى الإلحاد، ومن ضمن تلك العوامل الخطاب الديني الذي بُني على النقل والتلقين، وعدم استعمال العقل، وأواصل الحديث عن الخطاب الديني: 2. نبذ الآخر، وتحريم تهنئته بأعياده, بل تحريم تقديم التحية له والابتسامة في وجهه، بل حّرم البعض السفر إلى البلاد غير الإسلامية إلّا للضرورة القصوى ،وهذا يتناقض مع مبادئ الإسلام وقيمه، فالإسلام يأمرنا بإجارة المشركين الذين يُقاتلوننا، ونحميهم ونعطيهم الأمان (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)[التوبة: 6] وأمرنا الله أن نبر بمن لم يحاربونا ويخرجونا من ديارنا ونقسط إليهم ((لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين*إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون))[الممتحنة: 8-9] 3.تصوير الإسلام أنّه مناهض للعلم، والتطور العلمي، وأنّ الإسلام والعلم متناقضان. 4.إسراف بعض القضاة في أحكام العقوبات البدنية التي تصل إلى آلاف الجلدات مع أنّ أكبر عقوبة جلد حدّدها الخالق جل شأنه مائة جلدة للزاني والزانية دون سجنهما. 5. بناء تعامله مع المرأة على دونيتها وانتقاص أهليتها بتفسيره للآيات القرآنية المتعلقة بها، وأحكامه الفقهية والقضائية على موروثات فكرية وثقافية متمثلة في عادات وأعراف وتقاليد لا تمت للدين بصلة، وجعلها جزءًا لا يتجزأ من الإسلام, والاستدلال بأحاديث ضعيفة وموضوعة وشاذة ومفردة لتأييد تلك المفاهيم والعادات والتقاليد، وتكفير أو التشكيك في عقيدة من ينتقدها، ويوضح صحيح الإسلام، وتصوير الزوجة بأنّها مملوكة لزوجها بعقد النكاح، وأنّها شبه أسيرة عنده في حال عافيتها وصحتها، ودار مستأجرة في حال مرضها، فلا يجب على زوجها علاجها، والحكم على المرأة البالغة الرشيدة أنّها قاصر مدى الحياة بفرض وصاية ولي أمرها عليها إلى أن تموت، والمرأة التي لا ولي عليها يُفرض عليها ولاية القاضي ، فلا يحق لها الولاية على نفسها مثل شقيقها الرجل، مع أنّها كاملة الأهلية مثله، كما لا يزال يُدرّس في كليات الشريعة والدراسات الإسلامية، والمعاهد العليا للقضاء، تأديب الزوجة باعتباره حقًا من حقوق الزوج، وقد أوجد هذا الباب بعض الفقهاء الذين فسّروا معنى(واضربوهن) بالضرب البدني، مع أنّ كلمة ضرب في اللغة لها أكثر من(28)معنى منها المفارقة والاعتزال، وهو المقصود به في الآية الكريمة وقد طُبِّق في السنة الفعلية بهذا المعنى عندما غضب الرسول صلى الله عليه وسلم من زوجاته؛ إذ ترك لهن البيت مدة (29) يومًا، وأنزل الله قوله تعالى(عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن) فالضرب البدني يتعارض مع هذه الآية، ومع قوله تعالى(وعاشروهن بالمعروف)،وقوله:(إمساك بمعروف أو تسريحٌ بإحسان)،ومع وجود أحاديث صحيحة تنهى عن ضرب الزوجة، إلّا أنّنا نجد إلى الآن من يقول بضربها وتأديبها. إنّ وضع المرأة في زمننا هذا اختلف عما كانت عليه عندما فسّر المفسرون معنى(واضربوهن) بالضرب البدني طبقًا لموروثاتهم الفكرية والثقافية التي لا تمت للدين بصلة متجاهلين ما بلغته من مكانة في العهديْن النبوي والراشدي، وأيدوا ما ذهبوا إليه بأحاديث ضعيفة وموضوعة، وأوجد الفقهاء باب(تأديب الزوجة)فإن قبلت ذلك في الماضي، فلن تقبله في الوقت الحاضر والمستقبل لأنّها من الوعي والعلم والمعرفة والمكانة الاجتماعية ما يجعلها ترفضه لأنّه ليس من عند الله، فقد أصبحت المرأة قادرة على حماية نفسها، وعلى دراية تامة بما يصلح لها، فلا يمكن التعامل مع المرأة بموجب ما تم التعامل به معها منذ أكثر من ألف عام، فعندما يرى شبابنا ولاسيما الإناث أنّ خطابنا الديني يُعطي للزوج حق تأديب زوجته وضربها، وجعلها في بعض المجتمعات تحت وصاية الرجل مهما بلغت من السن، لا يحق لها استخراج جواز سفرها، أو تجديده، أو السفر خارج بلادها إلّا بموافقة ولي أمرها، ويرى المرأة تطلق من زوجها التي لها منه أولاد بحكم قضائي دون رضاها ورضا زوجها لأنّ أخاها أو أحد ذكور أسرتها حتى لو كان طليق أختها، يريد ذلك بدعوى عدم الكفاءة في النسب، ويستدل القاضي في صك الطلاق بأحاديث موضوعة، ليبرر تطليقها، في وقت يعتبر الفتاة المتظلمة من عضل أبيها لها عاقة لأنّها شكته للمحكمة لرفضه تزويجها رغم بلوغها سن الأربعين، وعدم الحكم بالقصاص على الأب القاتل لولده أو ابنته عامدًا متعمدًا، وعدم تطبيق الحد الشرعي على المعتدي على ابنته، مع ثبوت ذلك عليه والاكتفاء بسجنه بضعة شهور، أو سنوات، وعندما يرى حرمان الأنثى من حقها الشرعي في الميراث لأعراف قبلية، والسكوت على ذلك, عندما يرى ... ويرى... كل هذا يحدث على أنّه تنفيذ لشرع الله، يصبح عقله وفكره مهيأً لقبول من يُشكك له في صحة القرآن الكريم أنّه منزّل من عند الله، بل قد يدفعه الى الكفر بالله لأنّ ما يُنسب إليه يتنافى من العدل الإلهي، وللأسف يُنسب إلى الإسلام كل هذا الإجحاف للمرأة وامتهانها وانتقاصها، والإسلام برئ من كل ذلك، فهناك من الشباب الذي انحرف إلى الإلحاد يُبرّر إلحاده بأنّه كيف يؤمن بدين يتعامل مع المرأة بكل هذا الاحتقار، وهذه الدونية؟ هذه الحقيقة المُرّة التي يجب أن نصرّح بها ليفيق فقهاء الإسلام ، ويدركوا أنّ تشبث بعضهم بموروثات فكرية جاهلية لا تمت للدين بصلة، لأنّها توافق أهواء الرجل المحتكر العلم الديني وإصدار الأحكام الفقهية والقضائية يُسئ إلى الإسلام بها، ويعين الأعداء في حربهم عليه، وتمكينهم من تنصير شباب الإسلام أو إلحاده؛ إذ لابد من تصحيح الخطاب الديني، بتجريده من الموروثات الفكرية والثقافية التي لا تمت للدين بصلة، وتنقيته من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ومن الأحكام الفقهية والقضائية التي بُنيت على تلك الموروثات والأحاديث الضعيفة والموضوعة. [email protected]