كلما اقبل شهر الصوم غمرت النفوس بنور الهداية وتطلعت الى لقاء خير الشهور واستبشرت باطلالته، وكيف لا وهذا الشهر الفضيل نعمة إلهيه عظيمة فيه من الاجر والتوبة والخيرات ما ليس في غيره من الشهور بما وعد به الله تعالى عباده الصائمين القائمين من فوز عظيم عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هذا شهر رمضان جاءكم تفتح فيه ابواب الجنة وتغلق فيه ابواب النار وتسلسل فيه الشياطين) وفي الحديث الشريف (اذا كان اول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت ابواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت ابواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد كل ليلة، يا باغي الخير اقبل ويا باغي الشر اقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة). في رمضان دروس وعبر عظيمة لا يدركها ولا يقدرها الا من عرف حكمة الصوم وفوائده وفضائله واثره في جلاء وطهارة القلب والنفس والبدن، بل تطهير المجتمع من درائن عالقة من عراك الدنيا بسلوكيات دنيوية بين طمع وجشع وغيبة ونميمة وظلم وااكل مال الناس وهضم حقوق الضعفاء لصالح الاغنياء وكان دعاء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم – قال: (اللهم احيني مسكيناً, واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة). هكذا تتكامل تجليات الصوم وفضائله وفوائده للروح والبدن، بصلاح النفس التواقة الى الاجر من الله تعالى والقبول والفوز بالتوبة والمغفرة، ومن منا لا يرجو التوبة اذا صدقت، خاصة وان النفس الانسانية مجبولة على حب الدنيا والشهوات ولا يتدبرون قول الحق تبارك وتعالى: (قل متاع الدنيا قليل والاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا) وشهر الصوم ليس امتناعا عن الطعام والشراب ما بين سحور وافطار وانما عن كل ما نهى الله عنه قال الحبيب صلى الله عليه وسيلم (رب صائم ليس له من صومه الا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر) انه لقاء القلوب وطاعة الله في السر والعلن، ففي الحديث القدسي (كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لي وانا اجزي به). انها حلاوة الايمان والطاعة وما اجمل الاخلاص لله في العبادة وفي الحياة وفي المعاملات واحساس المسلم باخيه المسلم، وهو شهر الصدقات والتكافل والتراحم ويتعاظم فيه البذل رجاء المثوبة من الله تعالى اما الذين يصرون على قسوة قلوبهم غلفاً وتكبراً فانهم فقراء في نفوسهم ظالمين لها عندما يحسبون مكاسب الدنيا الزائلة ابقى من صلاحها للاخرة بالباقيات الصالحات فعرض الدنيا زائل (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا).وقوله سبحانه وتعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله قلب سليم). فلنستعد لشهر الخيرات والبركات لتعمر النفوس بالمحبة والبذل والدعاء والتوبة والفرح بموسم الخير، وان نرى الله تعالى من انفسنا خيراً في هذا الموسم العظيم، ولنتب فيه من الذنوب والسيئات، ولنكثر فيه من نوافل الطاعات من ذكر وتلاوة وصلاة وصدقات، وغيرها من الصالحات، رجاء في الفوز بما في هذا الشهر من خيرات ورحمات، ولنحذر من تضييعه بالغفلة والاعراض والشح كحال الذين نسوا الله فأنساهم انفسهم، فلا يستفيدون من مرور مواسم الخير عليهم. للتواصل 6930973