الكرم عادة عربية أصيلة بلا شك ، لكن ما إن يخالطها الهياط تغدو قبيحة جداً ، والشجاعة كذلك حينما تتلبس بلباس الهياط تغدو مقيتة وربما تتحول إلي جريمة ، والأمر كذلك ينطبق على غيرة الرجل على نساء بيته حيث يتحول الأمر مع الهياط إلي كابوس واستعباد ، وأكاد أجزم أن معظم ما نتفاخر به كعادات وقيم نبيلة ستكون أكثر قبحاً وأشد بشاعة حينما تنغمس في وحل المهايطة الاجتماعية ، ولكم أن تختاروا ما شئتم من عادات المجتمع وأعرافه وتأملوها مع .. ثم بدون الهياط لتكتشفوا كيف أن الأخير يفسد كل شيء جميل في أصالتنا وقيمنا ، لذا إن أردنا أن نبقي على جمال المجتمع الذي هو من جمال بعض عاداته فعلينا أن نسعى جاهدين لفك هذا الارتباط ، يجب أن يعي كل فرد منا أن الهياط هو ضرب من الغلو والمبالغة الذي لا يقل سوءاً عن الغلو في التدين المنهي عنه ، الفرق أن الغلو في العادات القبلية معظمها تستمد قوتها من وهم المرجلة والرجولة ، على عكس الغلو في الدين الذي يستمد قوته من الفهم القاصر للنصوص المقدسة ، فإذا كان من السهل توضيح النوع الثاني عبر مؤسسات الدين المعتدلة في البلد فإن الأولى غير سهلة وستظل عسيرة ومبهمة وخاضعة لمزاجية الناس واجتهاداتهم ، إلا أن بدأت حلولنا التربوية والاجتماعية والنفسية من العمق القبلي ، هناك حيث تقبع مفاهيم المرجلة في ذوات البعض ، فإذا استطاع الرجل التمييز بين الرجولة الأخلاقية المتركزة على الوعي والإدراك الذهني للقيم النبيلة في حياة الناس ، وبين الرجولة الأخرى المبنية على التظاهر والمفاخرة والغرور ، استطاع حينها فهم الفرق بين الكرم وبين الغلو في الكرم( التبذير ) ، أو بين الشجاعة والغلو في الشجاعة ( التهور ) ، أو بين الغيرة على المرأة والغلو في الغيرة ( الشك ) وقس على هذا ما تشاء ، أعلم أن هناك من يرى في مقالي هذا شيئاً من التهويل عن الهياط ووهم المرجلة وتأثيرهما في حياتنا العامة ، لذا لا أجد هنا أفضل من التذكير بحادثة إشارة المرور التي توقف عندها شابين في سيارتيهما..وما أن نظر أحدهما للآخر بالمصادفة حتى باغته الآخر بهياط بالغ ( وش عندك تطالع ؟ ) ليرد عليه الآخر بهياط أشد بقوله ( لا تكون حرمة وأنا ما أدري !! ) لترتفع بعدها عبارات الهياط والهياط المضاد إلي أن انتهت بالتحدي القاتل ( إن كنت رجّال فانتظرني عند الموقع الفلاني ) وبالفعل انقاد كليهما لوهم وتحدي المرجلة الذي انتهى مع الأسف إلي جريمة قتل ، فلا تحسبوا الهياط هيناً.. ولا تحسبوا أن أكثرنا يميزه عن المرجلة والرجولة . @ad_alshihri [email protected]