طبيعة الحياة الحركة المستمرة، وأيضاً تعدد الأشغال والهموم اليومية، والتي في أحيان تتزايد وتتراكم وتكثر، وتقدم لنا علوم تطوير الذات، وفن إدارة الوقت، والكثير من الدروس حول إدارة الضغوط والتخلص منها طرقاً متنوعة وإرشادات، فهو علم نما وتزايدت الحاجة له، لذا بتنا نلاحظ إعلانات تقدم ممن يطلق عليهم مدربين معتمدين، ويحملون شهادات إجازة من عدد من الدول الأوروبية، وهؤلاء تجدهم في مواقع التواصل الاجتماعي، يضعون كتعريف لهم «مدرب معتمد» من مركز كذا وكذا، وغيرها من المناصب الرنانة البراقة. والمذهل أن هؤلاء يقيمون دورات ويتقاضون عليها مبالغ مالية كبيرة. والعجيب بحق أنه عند التحاقك بمثل هذه الدورات التدريبية وبعد اجتيازك لها، يتم منحك شهادة بأنك أصبحت مدرباً في تنمية القدرات وتطوير الذات والتغلب على المشكلات. تحكي لي صديقة وهي تعمل في الموارد البشرية منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، ومتخصصة في هذا المجال، وفق شهادة البكالوريوس والماجستير والخبرة العملية، تقول: «يذهلني أن أشاهد السيرة الذاتية لكثير من طالبي الوظائف، وقد دوّن فيها أنه يحمل شهادة مدرب معتمد من بريطانيا أو أمريكا أو كندا، واسم المعهد أو المركز والتوقيع والختم، وأتفاجأ بأن هذا الشخص لا يحمل الشهادة الجامعية، ولا يتقن اللغة الإنجليزية، فأتساءل كيف حصل على هذه الإجازة العلمية؟ كونه متخصصاً في مجال حيوي، ومهم مثل تطوير الذات وغيرها». المشكلة الحقيقية أن هؤلاء الذين أسميهم – مزيفين – يغطون ويظلمون الكثير ممن تعبوا فعلاً ودرسوا وتعلموا، حتى باتوا مدربين معتمدين في مجال من المجالات الحيوية المهمة، سواء الحياتية أو العملية والتعليمية، لذا أدعو الجهات المختصة وصاحبة العلاقة من الهيئات التشريعية أو الرقابية، للعمل لوضع ضوابط، وسن قوانين تنظم هذا العمل، فمن غير المعقول أن يلتحق واحد بدورة اعدة أيام، ويدفع آلاف لاستلام شهادة تحمل اسمه مختومة وموقعة من أحد المراكز المختصة في أوروبا، ثم يستخدم هذه الشهادة لتقديمه كخبير، ومتخصص في تنمية الذات، وتطوير القدرات، وإدارة الوقت والتعامل مع الضغوط، وقائمة طويلة من الخبرات والمهارات. هذه الفئة من ضعاف النفوس توجه رسالة خاطئة وغير صحيحة عن المستوى التعليمي والتدريبي في بلادنا، لذا أتمنى أن نشاهد برامج توعوية ورقابية على مثل هذه الشهادات.