ضعف بعض التجارب أو فشلها يجعل البعض يتخذ حكماً بخصوصها من دون تمييز الجيد والرديء منها. ولعل سوق التدريب من أوضح الأمثلة على ذلك، إذ بقدر أهميته البالغة في نقل الخبرة واكساب المهارة إلا أن المتدرب بحاجة كبيرة لاكتشاف ما يحتاجه من تدريب أولاً، كما يلزمه البحث عن المدرب الخبير البارع، فهو رأس مال التدريب وربحه، وهو السؤال الأول الذي يجب أن توجهه بعد تحديد الحاجة التدريبية، ويليه في الأهمية ما تبقى من معلومات تتعلق بالحقيبة التدريبية والأدوات والوسائل المستخدمة، ومراعاة مبادئ تأهيل المهنيين الممارسين وكذا مكان التدريب ونحوه، ما يساعد في إتقان العملية التدريبية. ما سبق ينطبق على كل تدريب، وهو في التدريب القضائي والقانوني بالأهمية ذاتها لنقل المعرفة واكساب المهارة. وفي تقديري أن من المهم أن يستمر التدريب ويطاول جميع العاملين في المرفق القضائي من قضاة ومعاونين ومحامين وخبراء وغيرهم. كما يجب أن يكون هذا التدريب متسقاً مع حاجات كل منهم؛ ولا سيما مع وجود المحاكم المتخصصة التجارية والأحوال الشخصية والعمالية وغيرها. ولا تفوت هنا الإشارة إلى أهمية تأهيل تلك الجهات والمؤسسات والأفراد ممن يسهمون في الشأن القانوني، أو يغطون جوانب مهمة فيه من خلال دورات أو حلقات نقاش يحصلون فيها على أهم ما يطوّر ملكتهم للتعاطي مع الشأن القضائي ضمن ما يسمى «دورات قانونية لغير القانونيين»، مثل عقد دورات في الإعلام القانوني ونحوها. وتقابلها الدورات غير المتخصصة التي تقدم للمتخصصين، مثل إدارة المحاكم، وإدارة الجلسات، وإدارة الوقت، وقراءة تقارير الخبرة وفحصها ونحوها. وأوصي هنا بقياس انعكاسات التدريب على الشرائح المستهدفة، والسعي لإجراء ما يلزم من تطوير في شكل دوري. كما يمكن تفعيل التدريب الإلكتروني وتطوير أدواته، بما يسهم في مزيد من التأهيل للعاملين والمهتمين بالقطاع القضائي. والمؤمل أن يحقق التدريب القضائي أهدافه في تحقيق العدالة الناجزة وتأهيل المستهدفين وإتقان المخرج النهائي عبر تحقيق اتساق في الأحكام القضائية، وصولاً إلى ترسيخ ظهور مبادئ قضائية متينة. * محامٍ ومستشار قانوني [email protected] a.sgaih@