قام صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مساء أمس الأول بزيارة الى محافظة حريملاء. وفور وصول سموه للمحافظة توجه الى مسجد القراشة التاريخي الذي تم الانتهاء من مشروع إعادة بنائه، حيث كان في استقباله محافظ حريملاء عبدالعزيز المعمر، ورئيس بلدية حريملاء المهندس خالد الزيد ، واستمع سموه الى شرح من رئيس بلدية حريملاء عن تفاصيل مشروع إعادة بناء المسجد ومشروع انشاء فندق تراثي في محافظة حريملاء. عقب ذلك توجه سموه الى مقر إمارة حريملاء، حيث التقى عددا من مسؤولي وأهالي المحافظة. بعد ذلك رعى سمو الامير سلطان بن سلمان حفل جائزة حريملاء للتفوق في دورتها الثالثة ( 1437ه -2015 م). وبدئ الحفل بآيات من القرآن الكريم، بعدها ألقى عضو اللجنة الأهلية بمحافظة حريملاء الدكتور عبدالرحمن العريني كلمة وجه فيها الشكر والتقدير لسمو الأمير سلطان بن سلمان على رعايته للحفل،موضحاً أن نتائج الجائزة تميزت هذا العام بالتوازن والتوافق بين مكوناتها حيث جمعت بين حاملي التخصصات النظرية والتخصصات العلمية التطبيقية وشملت أبناء هذه المحافظة وبناتها على حد سواء ، مؤكدا أن تسليم سموه الجوائز للطلاب سيعزز مكانة الجائزة بين نظيراتها من الجوائز في المملكة. بعد ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان كلمة أعرب فيها عن سعادته بزيارة محافظة حريملاء، منوهاً بالمقومات التاريخية والتراثية والسياحية للمحافظة، وما تتمتع به من ميزات في مقدمتها أهلها الكرماء المرحبون الذين خدموا الوطن في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن مشاركته الليلة مختلفة حيث أنها مشاركة لتكريم متفوقين في وطن التفوق. وقال سموه :" المملكة العربية السعودية ولله الحمد هذا الكيان الذي نستظل بظله بعد الله سبحانه وتعالى قام على مبادئ وقيم سامية وقام على تآلف وعلى هدف ومقاصد خيرة ، ولعل من أهمها هو اتحاد الناس تحت كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلى أن نكون متآلفين ومتحابين في إطار القيم الإسلامية التي تجمع شملنا والتي نظل تحتها إن شاء الله ما حيينا، ولذلك من الطبيعي اليوم أن كل مواطن يسعى إلى التفوق، التفوق في خدمة الوطن والتفوق في الأخلاق والتفوق في الإنجاز العلمي ، حيث أن المملكة اليوم ولله الحمد فيها كل الفرص للإنسان أن يبرز ويتعلم وينجز". وأوضح سموه أن الدولة منذ تأسيسها ومنذ قيام الدولة السعودية الأولى اقتدت بخير الخلق محمد – صلى الله عليه وسلم – بالعناية بالعلم والعلماء ، مشيراً إلى إسهامات محافظة حريملاء ودورها الهام في بناء الدولة السعودية. وقال :" الدولة منذ تأسيسها وحريملاء بالذات كان لها إسهامات معروفة ومشهودة في بناء هذه الدولة منذ قيام الدولة السعودية الأولى في ما يقرب عن ثلاثمائة عام ، كما أن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وكنت بمعيته اليوم على الغداء في الدرعية وأوصاني خير ويبلغكم السلام، وقال لي كلمات جميلة عن أهل حريملاء وتاريخهم واسهاماتهم التاريخية والوطنية، وهو المعلم الأول والدنا ووالد الجميع فيما يتعلق بالتاريخ وحرصه على أن يكون التاريخ مستمرا وممتدا ، واستمرار أهل حريملاء ورجالاتها في مساندة هذا البناء الكبير إيماناً منهم بأن اجتماع الشمل على كلمة واحدة هو أيضا مصدر للاستقرار ومصدر للحياة ومصدر للتفوق ، ومن هذا الباب فقد عنيت الدولة ولله الحمد بالعلم والعلماء وقدمت كل ما يمكن أن يقدم وأبدت الإصرار في العلم والتعليم وجعلتهما موازيان للأمن في قضية بناء الوطن". وأضاف سموه:" اليوم لا يكفي الأمم أنها تتغنى بتاريخها ولكن يجب على الأمم أن تستمر في تحقيق الذكرى والتاريخ على مدى الأجيال، ولذلك أنا اثق في الله سبحانه وتعالى ثم بأهل حريملاء بأنهم يغرسون هذه الروح المميزة لعلاقة هذه البلدة الجميلة هؤلاء الناس الكرام في أبنائهم وأحفادهم، واتذكر أن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله -عندما سقط مسجد القراشة التاريخي قبل عام تقريبا اهتم شخصيا بالموضوع وبعث لي برقية يسأل عن المسجد مؤكدا حفظه الله اهتمامه به، وأبلغته حفظه الله بمساعي أهل حريملاء والبلدية والمحافظة والجميع لإعادة بنائه بالتعاون مع الهيئة ووزارة الشئون الاسلامية ". وأعلن سموه في كلمته عن افتتاح مكتب للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في محافظة حريملاء ووضع خطة لتطوير المحافظة سياحيا وتراثيا ، وقال:" بتوجيهات من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس التنمية السياحة في المنطقة، فسنقوم في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بافتتاح مكتب في حريملاء ونحن نريد أن نستثمر في وجود هذا التألف ولله الحمد وهذا التميز في المحافظة والبلدية واللجان الأهلية والسكان والعلماء وتكاتف أهل حريملاء أهل هذه المحافظة بطبيعتها وبيئتها ، وأن نستثمر ذلك في وضع خطة بشكل سريع في أقل من ثلاثين يوماً لتطوير سياحي تراثي متكامل يحافظ على جمال هذا المكان وبيئته . وأكد سموه أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – يركز بشكل خاص على قضية تيسير التعليم والابتعاث من خلال بناء الجامعات المميزة وابتعاث أكثر من 150 ألف طالب وطالبة في جميع أنحاء العالم ؛ فلذلك المستغرب اليوم أن لا يتفوق المواطن والشاب السعودي والأبنة والمرأة السعودية في كل مجال. وقال سموه:" عندما أقول للناس في أنحاء العالم عن هذا الأمر واستثمارات الدولة، وأنا اسميها استثمارات الدولة في العلم والعلماء، يستغرب الجميع في أنحاء العالم ويقولون نتمنى لو كنا نحصل على هذه الفرص، لذلك هذا التفوق هو الفرصة الموجودة اليوم هي التي تساعد الناس على التفوق، وقد اذكر اليوم وأنا لي علاقات ممتدة ووطيدة مع الخيرين من أهل حريملاء وكلهم ولله الحمد فيهم خير وبركة ، أن حريملاء نعرفها جميعاً أنها بلد العلماء، وحريملاء نعرفها عبر تاريخها أنها بلد الرجال الأوفياء المخلصين لبلادهم والبانين والمساهمين في تاريخ بناء هذه البلاد ، فلذلك اليوم التفوق في المجالات العلمية هو امتداد لمساهمات الآباء والأجداد من أهل حريملاء في بناء الوطن واستمرار ازدهاره واستقراره" وفي ختام الحفل سلم سمو الأمير سلطان بن سلمان الجوائز للفائزين والتقطت الصور التذكارية ، ثم تسلم سموه درعاً تذكارياً بهذه المناسبة من رئيس هيئة الجائزة علي بن أحمد الشدي. ويذكر أن مسجد القراشة التاريخي الذي افتتحه سمو الأمير سلطان بن سلمان بعد إعادة بنائه ،أقدم مسجد تاريخي في محافظة حريملاء، ومكاناً لطلب العلم من مختلف قرى نجد، وكان في وقته أشبه بالجامعة خاصة وأن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله كان يلقي فيه دروسه اليومية، وتخرج فيه نخبة من العلماء وطلبة العلم، ثم تتابعت حلقات العلم في هذا المسجد بعد ذلك. ويعود تاريخ بناء المسجد لفترة الدولة السعودية الأولى خلال القرن الثاني عشر الهجري، ويعد المعلم الأثري القديم المتبقي في حريملاء. وخلال العام الماضي، تسببت الأمطار التي هطلت على حريملاء في انهيار مسجد القراشة التاريخي، فوجه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان لمركز التراث العمراني الوطني في الهيئة بإعادة بناء المسجد ضمن برنامج العناية بالمساجد التاريخية الذي تنفذه الهيئة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاسلامية وعدد من الجهات وتمت اعادة بنائه بالتعاون مع بلدية حريملاء، كما وجه سموه بسرعة تنفيذ أعمال الترميم والتأهيل وفق الوسائل والإمكانات التي تضمن إعادة المسجد لما كان عليه قبل الهدم.