تساؤل كتبه رئيس تحرير هذه الصحيفة "البلاد" الأستاذ علي الحسون، بالعدد الصادر يوم الجمعة 27 ذو القعدة 1436ه لعلي اقول انه تساؤل متأخر جداً وليس فيه شيء من إثارة تهز كاتباً أو مشاغباً مثل أخينا علي العمير ولا صاحبه "راشد الحمدان" رطب الله ثراه، كانا أيام زمان يحملان أسلحة حادة ويجدان ساحة تنشر ما يكتبان رغم أنهما بعيدان! فالعمير "في الموسم" بين المملكة واليمن، والآخر في الرياض! كنت وكانا في مطارحات إن صح هذا التعبير! وكان الصديقان راشد والعمير يهاجمان بعض شيوخ الأدب الكبار سناً ومكانة، وكان في الواجهة قريباً مني أستاذي "محمود عارف! كنت أدير صحيفة "الرائد" في عهد ما قبل "المؤسسات الصحافية! وكنت أدافع عن الشيوخ، والصحيفة تحت يدي أستقبل الهجومين، من "راشد والعمير"! وكان أستاذ يكتب وهو يرد على المشاغبين العمير وراشد، فانشر ما يكتبان، وأعلق على ذلك، يرد أستاذي العارف، وكان ميولي مع الشيوخ وهذا ما يغيظ المتحمسين الثائرين، وأزعم أن في "أطرافاً من حماسهما، غير أني أميل الى الميزان في أكثر الأحيان، وإن كان "القلم" يجمع أحياناً وهذا ما يغيظ الأخوين ليستمرا في الحماسة والجدل، ولأني صاحب الصحيفة فإني كما قال أستاذي الجليل الشيخ محمد الحافظ، وهو عالم جليل واسع الإطلاع يتحدث في عالم المعرفة العميق، قال إني ولدت يوم ثورة! وأشهد أنه لم ينصفه طلابه ، منهم عبدالعزيز الربيع، ومحمد هاشم رشيد الشاعر وآخرين كثر. ولعلي أقول لأخي الحسون، إنه لو تحدث قبل عقدين أو أكثر عن العمير وكذلك عن راشد الحمدان لسطر أطرافاً من معارك الأمس مع هذين الرجلين، لكن "فات الميعاد وبقينا بعاداً" ولا أظن أن العمير قادر اليوم أن يكون أو لديه أطراف من حديث الأمس الملتهب، فمرور خمسين سنة أو أكثر تشيّب الوليد! والزمن تغير وأهلوه، "فما مضى فات"! ولعلي أردد قول الشاعر: ومرّ زمان لعبنا به وجاء زمان بنا يلعب وإذا قلت شاب الزمان فلم أعد الواقع المعاش والصحافة السيارة غير الأدب الذي هجره أصحابه، لا لأنه لا يؤكل عيشاً، بل لأن أصحابه قد ذهبوا، والصحافة اليوم أصبحت خبراً على ورق"! ذهبت الحماسة، وأصبح لغواً! وأنا لست متشائماً، غير أن القيادات والكفاءات قد تغيرت، وأمة إقرأ، فهي كسولة لا قيمة للزمن عندها، واكتفت بأجهزة الغرب التي تسبح فيها في كل نهر وفي كل بر وبحر! والرجوع الى الوراء اصبح ديدن هذا العصر عند الكثير من الامة العربية. "وجاء زمان بنا يلعب"! وتلك هي الأيام وتقلباتها العجيبة، وكما قيل : لكل زمان له عصره وأمزجته، والأيام قلب. وشكراً لأخي علي الحسون الذي ينبش في مفكرته ليثير حديث الأمس واليوم ، أما الغد فلا تدركه البشرية، والغيب لله كما جاء في الكتاب العزيز.