في أحيان كثيرة تداهمنا الهموم، أو تحاصرنا المشاكل الحياتية، ومعها نحتاج إلى من يصغي لنا، أو على الأقل لمن يستمع، ليست هذه الحاجة نابعة إلا من النفس الإنسانية، فالإنسان قليل بنفسه كثير بإخوانه، كما يقال، إلا أن المعضلة الحقيقة عندما تلجأ لمن تريد منه المشورة والكلمة والنصيحة، فتجده يتخلى عنك ضانّاً بكلمة تطمين، أو بإسداء وجهة نظر قد تكون طوق نجاة. طلب المشورة والرأي هي من لب ثقافتنا، وهي ركن أساسي في الحكم على ما يعترضنا في حياتنا، لكن البعض يبخل ويرفض تقديم النصيحة والتوجيه، وهذا ترك وهجر لمبدأ عظيم، البعض يسوق وجهة نظر بأنه عندما يسدي النصيحة لمن طلبها وينفذها قد تكون وبالاً عليه، فيكون هو المسؤول لعدم دقته وعدم تقديم وجهة نظر صحيحة. وغني عن القول إن مثل هذا الرأي انحراف عن الصواب، وهو تبرير لا أكثر للتخلي عمن لجأ إلينا ملتمساً العون والمساعدة. أتفهم أننا في أحيان قد نسمع بمشكلة فعلاً تحتاج إلى متخصص، ليعطي رأياً واضحاً ودقيقاً، لكنني أشير إلى المشاكل والهموم الحياتية العامة، التي تعترض البعض منا، الهموم التي نحتاج معها إلى من يقف معنا، ويمد لنا يد المساعدة بالمشورة، خصوصاً من هو أكبر منا سناً وأكثر خبرة في الحياة. إنني أرى دوماً أننا إذا رغبنا في تلافي الكثير من العوائق والصعاب الحياتية أن نستمد العون أولاً من الله، ثم من تجارب الآخرين، لأن هذه التجارب كنز كبير وبالغ الأهمية، وهي بحق خير مدرسة لنا .. لنعطي الرأي والمشورة كلما كان معنا ولو قليلاً من الحكمة.