الصداقة كالظلال التي تمنع السموم اللافحة.. وهي الواحة التي يستريح فيها المهاجرون بعد مشوار النكد والعذاب.. ولا يمكن لأي إنسان أن يعيش دون صديق او رفيق.. ولا يمكن ان تطيب الحياة الا تحت ظلال هذه الصداقة الوارفة فكل منا يحتاج إلى صديق يفضي اليه همومه ويرمي على مسامعه كل ما يحتمل في صدره من هواجس.. والتجارب أثبتت بأن الانسان اذا ما أفضى همومه لأي صديق ارتاح كثيرا ورقد على يمينه مستريحا ويشعر بأن عبئاً ثقيلاً انزاح عن صدره واصبح ذلك الصدر المثقل بالكدر مثل الريشة في خفتها.. ان الهموم كالحديد تقبل وزنها ولا يمكن لهذه الطاقة المحدودة التي يتمتع بها الانسان ان يتحملها.. فلا بد من صديق يهمس اليه الانسان ما يجيش في دواخله من كدر وعذاب.. فلا بد من وجود هذا الصديق الذي ينتشلك من صحاري الألم إلى واحات النغم لا بد من وجود صديق يشاركك افراحك وهمومك ويدلك على الصواب وينروك بنصائحه وارشاداته ويشاركك في كل شيء والحياة بدون صديق مثل الفيافي القاحلة لا وجود فيها ولا طعم.. بل هي مدمرة ومهددة لوجود الانسان لأن الانسان في حياته يبحث عن الأمن والطمأنينة. فليس هناك أمن بدون صديق.. ولكل انسان مفهوم خاص لمعنى الصديق..فالبعض يعتبره الوفي..والبعض يعتبره القريب.. وهناك من يتخذ من الشقاء اصدقاء في حياتهم.. ولكنني أقول بأن الصديق هو الصديق بغض النظر عن علاقاته الأخرى.. فليس هناك صديق وفي وغير وفي فالصديق لابد أن يكون وفياً وإلا فانه ليس بصديق.. وليس شرطاً أن يكون قريبا أو شقيقا لأن الوفاء في كثير من الحالات يأتي من أبعد الناس.. فالاختبار في هذه الحالة مهم للغاية.. ولا يمكن أن نرمي انفسنا في أحضان الآخرين من اول وهلة.. بل لا بد من التمحيص والتفحيص ولا بد أيضا من اجادة المعرفة لنفسيات هذا الصديق المرتقب فلا نسر اليه ما يعتمل في صدورنا من اسرار وماسي إلا بعد أن تتجلى لنا كوامنه فإن كان وفياً اتخذناه صديقا وان كان دون ذلك تركناه. ولقد اجمع بعض الحكماء من قبل بأن مصاحبة من هو دونك مضر لأنه يؤذيك بجهله.. ومصاحبة من هو فوقك مضر ايضا لأنه ربما تكبر عليك فلا بد اذن من مصاحبة من هو ندك.. لماذا؟! لأن الجاهل دائماً يكون سببا من اسباب التورط.. فهو بعدم ادراكه يمكنه أن يقع بك في مستقنع الشر.. ويقودك إلى الوحل دون أن تدري.. علاوة على أنه لا يمكن أن يسدي اليك نصيحة.. وليس مؤهلا لاقناعك بالاقلاع عن شيء مكروه..بل هو مضر ومؤذي لا يمكن أن تأتمنه في أي شيء فهو لا يستطيع تقدير الموقف.. ولا يستطيع اخراج اخيه من مأزق بل يجره اليه.. اما من هو فوقك فهو يتصور بأنه أعلى منك مقاما وبالتالي أكثر منك وعيا ويتمتع بالذكاء الذي يجعله يرسم لك الطريق فهو لا يمكن أن يتقبل منك نصيحة.. بل يرغمك على قبول نصائحه.. فتصبح انت منقاداً لأوامره حتى ولو كانت تلك الأوامر غير صائبة.. والأدهى من ذلك بأن البعض يتصور بأن افكار ومفاهيم من هم أعلى منهم شأناً هي الصائبة.. ولا يدركون بأن تلك المفاهيم والافكار لا تقف عن حد معين وعند أناس معينين..ومن هذا المنطلق فإن هذا البعض يتلقون النصائح دون أي معايير.. ودون ادنى شك في صوابها. لذا.. وكما يقول بعض الحكماء يجب أن نتخذ من الأصدقاء من هم في قدرنا وفي مقامنا حتى يعرف كل منا ما للآخر من حقوق في مجال العلاقات الانسانية.. وما أكثر الأصدقاء حين تعدهم ولكنهم عند النائبات قليل. حكمة: قالوا ليوسف عليه الصلاة والسلام اتجوع وتقتر على نفسك وبيدك خزائن الدنيا فقال عليه السلام: أخاف أن شبعت أن أنسى الجياع. للتواصل 6930973 جدة 21351 ص.ب 108924