تهل علينا هذه الايام العطرة من شهر رمضان المبارك بما تحمله من ذكريات ومواقف جميلة لا ينساها الانسان.. ودعوني اتذكر اليوم بعض هذه المواقف والذكريات التي مازالت في الذاكرة. اولي هذه المواقف الرمضانية استدعائي للجيش المصري لتأدية الخدمة العسكرية (فترة الاحتياط) خلال العاشر من رمضان عام 1973م والتحاقي على الفور بسلاح المدفعية المصري واعداد فريق من الجيش المصري يطلق عليه (سد الخسائر) وتدريبي على مدفع هاون وكيف منا في الصفوف الخلفية للجيش المصري الذي يحارب في الصفف الامامية كانت وحدتي في السويس مستعدة لسد خسائر الجيش المصري من المقاتلين في حالة طلبهم المزيد من القوات. في ذاكرتي عن شهر رمضان المبارك الاجواء الروحانية التي تضفيها عليك المعيشة في حي (السيدة زينب) في مصر والقريبة من المسجد الزيني حيث تتحول كل طرقات وساحات المسجد الزيني الى حالة من الفرح المحال ترفع "فوانيس رمضان" وباعة الكنافة واشهرهم في الحي الحاج "عرفه الكنفاني" يمدد طاولاته خارج حدود المحل وعليك الانتظار بالساعة احيانا لكي تحصل على كيلو من الكنافة الطازجة والكل فرح بمقدم الشهر الكريم. موائد الافطار حول المسجد تمتد قبل المغرب بحوالي ساعة ويفد اليها الغرباء وبعض اهالي الحي الفقراء وهي تقدم اللحم والفول النابت والارز والعصيرات ويشرف عليها كبار اهل الحي لاكرام الغرباء. في أخبار اليوم صدر قرار رئيس التحرير بافطار كل من يعمل من المحررين والعمال والفنيين على حساب اخبار اليوم ويتولى الزميل الراحل (فاروق الشاذلي) من قدامى المحررين الرياضيين الاعداد والاشراف على مائدة الافطار الرمضانية ويحاول في كل مرة اختيار طعام مختلف على اليوم الذي سبقه واغلب الايام بكون الافطار من (مطعم الدهان) خلف شارع الصحافة وهو في مقدمة شارع بولاق ابو العلا .. وليس غريباً ان تدخل صواني الافطار يحملها بعض العمال على رؤوسهم لافطار الفريق الذي يعمل في اخبار اليوم لحظة الافطار. عندما جئت الى العمل في المملكة كان موطني (في حي العمارية) الشهير ومازلت اسكنه وكان هذا الحي العتيق بتقاليده المعروفة يخرج الرجال كل يوم من ايام شهر رمضان المبارك للصلاة جماعة في المساجد ويحمل كل واحد منهم شيئاً للافطار (التمر – السمبوسة – الشريك – الحليب – اللبن – العصيرات) لكي يجتمعوا مع امام المسجد ويفطرون جماعة ثم يقومون بالصلاة جماعة صلاة المغرب ويعودون الى منازلهم وبعد فترة يعودون الى صلاة العشاء والتراويح وتكون الوجبة الرئيسية (الدسمة) بعد صلاة التراويح وفيها يتناول الناس اللحوم او الاسماك والشوربة والعديد من اصناف الطعام التي رزقهم بها الله عز وجل. في بداية تولي الدكتور عبدالعزيز النهاري لرئاسة تحرير العزيز (البلاد) قرر مجلس التحرير ان يصوم محررو البلاد جميهم خارج مدينة جدة واذكر منهم الآن الزملاء الاعزاء : خالد الحسيني ووهيب غراب وعبدالرحمن عبدالواحد وعبدالرحمن عبدالملك ونبيل العشري وعبدالله خوجة بكة وعبدالرشيد حافظ وعبدالرحمن ادريس كل هذا الفريق انتشر لصوم رمضان في اول يوم في (احدى مناطق المملكة) وكان من نصيب شاكر عبدالعزيز والمصور الفنان الرائع (حسن الملح) منطقة القصيم واهل بريدة الطيبين واسرة "المشيقح" الشهيرة التي ترسل بالسيارات قبل آذان المغرب لتجمع الناس من الشوارع ليتناولوا الافطار لدى الموسرين من اهالي بريد الطيبين. في ايام وليالي رمضان تسابقنا عن في البلاد لكي نقدم وجبة رمضانية مناسبة في الصحافة السعودية تتناسب مع الشهر الفضيل وكان البلاد دائما مساهمات جيدة في هذه الصفحات الرمضانية اضافة الى الصور التي قدمناها عبر سنوات تحكي تاريخ جدة.. ومكة المكرمة والمدينة المنورة ومن ابرزها (منطقة جدة التاريخية). وقصة تاريخ واسماء الحارات والعائلات كما يرويها عاشق جدة استاذنا احمد باديب كل ذلك قدمته البلاد عبر صفحاتها وحققت فيه نجاحات متميزة وتلك كانت بعض الخواطر الرمضانية العابرة وكل عام وانت من الفائزين الغانمين في هذا الشهر الفضيل.