ما بال الناس في ضيق وهم وكأن السعادة خاصمتهم وجافتهم بينما في ايديهم من النعم ما يستحق الشكر للمنعم سبحانه وتعالى فلا صاحب المال راض بكنوزه وارصدته ولا غيرهم قانعون بما لديهم في هذه الايام التي بات المال فيها كل شيء عند الناس ولا المتزوج سعيد وهانئ ولا غير المتزوج مستقر .. اين الخلل إذن؟ هل في عدم الرضا عن الحياة وعما يملكه الانسان؟ مع ان ما يملكه الانسان كثير من النعم وليس مالا فقط. الصحة نعمة وتاج على رؤوس الاصحاء لا يراه الا المرضى، وكم من مرضى يعانون ليلا ونهارا ويتمنون لو استعادوا الصحة حتى لو لم يكن لديهم مال والاولاد نعمة يجب ان نصونها ونسعد بها ونحسن تربيتهم على البر والتقوى وصحيح الدين وبما يعينهم على متطلبات الحياة وتحدياتها ومتاعبها وحتى من لم ينجبوا فالله يعطيهم رزقا اخر في امور كثيرة ويحتسبهم سبحانه من الصابرين على امر الله ولهم جزاؤهم اذا رضوا وقنعوا وبالتالي لا يصح الحزن ولا الاعتراض على امر الله ولكن يأخذ بأسباب العلاج اذا كان اليها سبيل والقناعة نعمة ورزق اذا ما اصابها الانسان وحرص عليها يعيش سعيدا مطمئنا ولا تستحوذه صراعات الحياة "الا بذكر الله تطمئن القلوب". ان السعادة يا إخوان هي في الايمان والعمل به وحسن التعبد لله وشكر النعم والعمل بالإحسان والخلق الطيب والكلمة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء كما قال الحق تبارك وتعالى وقد خلق الله عباده من جسد وروح وسلامة الجسد في المفيد من الطعام والشراب والصحة والعافية وسعادة الروح في الدين والتخلق بأخلاقه ومن اسعد جسده دون روحه فهو الشقي ولله در القائل: لست ارى السعادة جمع مال .. ولكن التقي هو السعيد اتذكر ان الناس في الماضي كانوا اكثر سعادة وراحة للبال رغم شطف العيش لانهم تعاملوا بنفس طيبة وادركوا نعم الله عليهم وقدموا العمل الطيب وحسن الخلق وروح التكافل على ما عداه من امور مادية واليوم رغم توفر كل وسائل الراحة والتقدم والتقنيات الحديثة التي جعلت الخدمات بين يدي الجميع.. للأسف نعيب على دول الغرب من انها مجتمعات وشعوب مادية تخلو من الروح وتوفر كل وسائل المتعة للجسد ومع ذلك نجد شعوبنا تعاني من التوترات وكدر الحياة مع اننا نردد تعاليم الاسلام العظيمة التي لو تمسكنا بها وعبدنا الله حق عبادته لرزقنا الله وتهيأت لنا سبل الراحة النفسية قال تعالى : "الا بذكر الله تطمئن القلوب" وقال صلى الله عليه وسلم : "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا"، ورحم الله ابن تيمية يوم قال : أنا جتني وبستاني في صدري انى اتجهت فهي معي لا تفارقني. ولله در القائل: فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب اذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب ان الايمان والرضا هما اساس السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة ولو تدبرنا ذلك في تفاصيل الحياة في الاسرة وفي العمل وفي المعاملات واينما كنا لاستقامت الحياة وسادت الطمأنينة وتراجعت مظاهر سطوة المادة وهنا لا نقارن بين الماديات والروحانيات وانما لابد من التوازن بينهما فالاسلام ليس دين رهبنة ولا دين حرمان، كما انه ليس دين المادة والغرائز وانما هو التوازن والاستقامة واعتدال النفس والسبيل الى طمأنينتها فالسعادة هنا قد تكمن في كلمة طيبة او في موقف نبيل او في ازاحة الكربة عن مكروب وتفريج الهم او قضاء حاجة وهي في حسن الاستقرار داخل الاسرة والانتباه للتربية دون الغفلة لتسود المودة والرحمة ولكن مع التكالب على الدنيا ونسيان الموجبات الصحيحة للسعادة فانها تضيع وتصبح صعبة المنال حتى وان امتلك الانسان ما يتخيله او ما يتمناه من كنوز ومن حسابات ومن عقارات فالسعادة في قلوب عامرة بالايمان ولسان طيب الذكر والقول ونفس راضية مطمئنة .. أدعو الله للجميع بالصحة والعافية والسعادة. حكمة : من الشعر: اقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسد إنسان للتواصل 026930973