هنالك شعراء لايكتبون الا عن الحزن ، لاينشطون الا في جلب الكآبة ، منذ ان ظهر على الساحة وهو يشتكي الخيانة والطعن ، ويتضجر من الهجر وآلامه ، لم نره يوما مبتسماً في كتاباته ، يُخيّل لك عند قراءته انه يعيش في الظلام وانه يعاني من التشرُّد والضياع ، ولم ير يوماً بصيص النور والأمل ، لايخرج من بيته الا ليلاً ليقتات صورة شعرية من الشوارع المهجورة ، والارصفة المبللة بالمطر ، وشبابيك المواعيد المغلقة ، والأزقة المظلمة ، يستهلّ القصيدة بجرح وينهيها بآخر ، ويجعل مابينهما جراحاً ، حتى وإن حاول الكتابة عن الفرح تجده يصف أفراحه بإنها باعثة للحزن ، إن من علامات النقص ان يكون مشوار الشاعر يضج بهذا الكم الهائل من التشاؤم ، ولو تم الحكم على هذه الحياة الطيبة من خلال قصايدهم لكانت حياة تعيسة وبالية لايجد فيها المرء متنفساً في اي جانب من جوانبها المضيئة. هنا نقول لهؤلاء الشعراء يجب عليكم في الحال التوجه الى اقرب عيادة للطب النفسي حتى يتم تقييم الحالة وليس عيباً ان تنشد الطبيب بعضاً من كتاباتك الظلامية ، ولان العيادات النفسية ايضاً لا تعمل في منتصف الليل ، لذا نأمل منهم ان يستيقظوا صباحاً ليروا النور وجماله ، وان يعرضوا اجسادهم البنفسجية لأشعة الشمس حتى يتأكد بأنه لا يزال بشرياً ولم يتحول الى(مصاص دماء) ، وما أجمل الحميدي الثقفي حين كتب: محسوبك ان جيت وان ماجيت ماهمه وش ياخذ الدمع من تغميضة اجفاني انام وادخل قميص الليل مع كمه واخرج صلاة الفجر مع كمه الثاني اتنفس الفجر الاول عاقد الهمه واركض مع الناس..والعن خيّر احزاني