الخلافات الزوجية وبخاصة تلك التي تنتهي بالطلاق تخلف آثاراً سالبة وجروحاً غائرة وتفرز آلاماً نفسية في نفوس الأطفال.. وقد تمتد الاثار إلى أروقة المحاكم لحسم الخلافات المستفحلة فيما قد يلجأ أحد الأطراف إلى تعطيل تنفيذ الأحكام الصادرة. (البلاد) استطلعت آراء عدد من المحامين في قضية وجدت حظها من الاهتمام وبادرت بالسؤال عن حق المواطنة في رفض تمكين والد المحضون من زيارته.وفي رده على السؤال قال المحامي أحمد البحيري:"بداية أنوه أنني قمت بتغيير العنوان من المواطنة إلى الحاضنة حتى يكون أوسع أفقاً ومضموناً حيث أن تنفيذ الحكم بالمملكة ينطبق على كل حاضنة ترفض تمكين طليقها أو من له حق الزيارة من زيارة المحضون على السواء دون النظر لجنسيتها ما دام أنها تقيم بالمملكة. ومن حيث الإجابة على السؤال فالأمر يختلف تماماً بعد صدور نظام التنفيذ المتوج بالمرسوم الملكي رقم (م 53) وتاريخ 13 /8 /1433ه فهذا النظام قد حسم المسألة وأصبح لا اجتهاد مع صراحة النصوص الواردة به وأصبح قاضي التنفيذ هو المعني باختيار الطريقة المناسبة وفق ما يقرره نظام التنفيذ فتنفيذ الأحكام الصادرة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية نجد أن نص المادة (73) منه والتي تنص على (تنفذ القرارات والأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية بالطرق المقررة في هذا النظام …..) ودلالة النص هنا أن قاضي التنفيذ له الخيار بين أن يحبس المطلوب منه تنفيذ الحكم ، وإجباره على التنفيذ كما في نص المادة (83) ونصها (يصدر قاضي التنفيذ ، بناء على أحكام هذا النظام حكماً بحبس المدين إذا ثبت له إمتناعه عن التنفيذ ويستمر الحبس حتى يتم التنفيذ) وهو ما يسمى بالحبس التنفيذي أو تطبيق نص المادة (74) والتي تنص على (تنفذ الأحكام الصادرة بحضانة الصغير وحفظه والتفريق بين الزوجين ونحو ذلك مما يتعلق بالأحوال الشخصية جبراً ولو أدى ذلك إلى الإستعانة بالقوة المختصة (الشرطة) ودخول المنازل …..) وطبقاً لهذا النص فللقاضي أن يأمر بتنفيذ الحكم بتمكين المحكوم له بالزيارة ولو أدى ذلك بدخول المنزل وأخذ المحضون والحاضنة للمكان المهيأ ثم أخذ تعهد عليها بقيامها بالتنفيذ في كل مرة. ولكن في التنفيذ ضد المواطنة الوارد بالخبر نجد أن القاضي اختار أن يأمر بحبسها حبسا تنفيذيا وهو حبس الهدف منه حمل المدين على التنفيذ ومتى ما استجاب المدين للتنفيذ يطلق سراحه وبهذا فإن الحبس التنفيذي يختلف عن غيره من الحبس في العقوبات الجزائية بل يتم بمعزل عنها نظاماً ، كما أن الحبس التنفيذي لا يعتبر عقوبة ، لذا قيل عنه تلطفاً أن الحبس التنفيذي يبدأه القاضي ويحدد مدته المدين (المحكوم ضده) طبعاً باستجابته للتنفيذ ، وهو نفس ما حدث للحاضنة (المواطنة ) فتم إطلاق سراحها فور استجابتها للتنفيذ. واياً كان فإن ما قام به قاضي التنفيذ يؤكد أن نظام التنفيذ قد أتى أُكله في تنفيذ الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية خاصة ومعلوم بالضرورة أن التنفيذ ما هو إلا الثمرة المرجوة من الحكم وكل حكم يستحيل تنفيذه يعد كأن لم يكن ، وأكرر أن المواطنة لم تعاقب بالحبس وإنما حُملت على التنفيذ بهذا الحبس وهي رسالة يجب إبلاغها لكل من يرفض التنفيذ تعنتاً ، ولكن وعلى الرغم من أن الحبس التنفيذي ليس بعقوبة كما ذكرت إلا أنه في حق الأم يعتبر عقوبة لأنه يجعلها تشعر وتعاني الحرمان والابتعاد عن طفلها وهو ما يعانيه الأب وهي العقوبة الأنسب". وقال المحامي والمستشار القانوني حامد فلاتة:"لاشك في أن تطبيق محكمة التنفيذ النظام بسجن سيدة لامتناعها عن تنفيذ حكم قضائي بتمكين اب من رؤية ابنه يعد عملاً جليلاً يساهم ليس في التزام الناس بتنفيذ الاحكام القضائية فحسب بل يجعلهم يحترمون الاحكام القضائية من ناحية ويغير النظرة العامة تجاه تنفيذ الاحكام القضائية من ناحية اخرى ويحفظ لقضاء التنفيذ هيبته إذ ان هناك الكثير من من يستهتر في ذلك فتنفيذ الاحكام هو زبدة العمل القضائي فلا قيمة للحكم القضائي ان لم ينفذ وهذا ما دعا إلى إنشاء قضاء التنفيذ الذي يعد نقلة في اتجاه التطوير والتحسين لهذ المرفق البالغ الاهمية وان كانت الطموحات والاحتياجات اكبر مماعليه محكمة التنفيذ اليوم ونتطلع نحن المحامون إلى دعم هذه المحكمة بالعديد من الوسائل والعوامل التي تساهم بفاعلية في ان يتحقق المأمول منها بالتسريع في التنفيذ الاحكام بجميع انواعها وعلى الاخص فيما يتعلق بالقضايا الاسرية التي نحن بصددها في هذا التعليق وعلى وجه التحديد حق رؤية الابناء من قبل احد الوالدين فتنفيذ الاحكام القضائية في القضايا الاسرية بشكل سلس وهادئ دون توتر يساهم اولا في تهدئة النفوس من الاثار التي ترتبت على مرحلة التقاضي قبل صدور الحكم كما يبعد الابناء عن التوترات الناتجة عن امتناع احد الوالدين عن تنفيذ الحكم مما يجنب الابناء العيش في هذا الجو المتوتر وهناك دولة خليجية تنهج فيها المحاكم كما سمعت نهجا جميلا في مسألة التسليم والاستلام للأبناء في حالة الصراع في هذا الامر وتطلب تدخل القضاء فيتم الحكم وينفذ بان يسلم احد الابوين الابن للطرف الآخر في منتزه ( ملاهي الالعاب ) بان يصطحب الاب أو الام الابن ليتنزه ثم ينسحب في وقت محدد ليأتي الطرف الآخر و يأخذ الابن ثم يطبق ذات النهج في إعادة الاستلام والتسليم من طرف لآخر …هذا النهج لاشك يذيب التوتر و يبعد الابناء عن الشد والجذب الذي عادة ما يقترن مع التنفيذ الجبري لحق الرؤية في القضايا الاسرية والله الموفق". أما المحامي فهد العنقري فقال:"تنص المادة الرابعة والسبعون من نظام التنفيذ علي انه ( تنفذ الأحكام الصادرة بحضانة الصغير، وحفظه، والتفريق بين الزوجين، ونحو ذلك مما يتعلق بالأحوال الشخصية جبراً ولو أدي ذلك إلى الاستعانة بالقوة المختصة (الشرطة)، ودخول المنازل،ويعاد تنفيذ الحكم كلما اقتضي الأمر ذلك.). طبيعة مسائل الاحوال الشخصية عند وصولها الي القضاء تكون متسمة بشيء من اللد في الخصومة والعناد الشديد بين الطرفين فيكون كل طرف بطبعه ممتنع عن تنفيذ ما يحق للطرف الآخر من حضانة أو رؤية أو زيارة الصغير أو خلافه من مسائل الاحوال الشخصية لذلك لجأ المنظم إلى تنفيذ هذه الاحكام بالقوة الجبرية باستعمال الشرطة ودخول المنازل ولكن عند تنفيذ احكام الحضانة لابد من مراعاة الاتي: 1-التدرج في التنفيذ بالنصح والتوجيه ثم ترتيب مراحل تسليم المحضون بما لا يضر بالمنفذ له والمنفذ ضده والمحضون مع افهام الممتنع بأنه قد يتعرض لعقوبة الحبس مدة ثلاثة اشهر طبقا للمادة الثانية والسبعون من نظام التنفيذ وهذا ما قررته المادة 74 /1 -أ من اللائحة التنفيذية. 2-إذا اصر المنفذ ضده على الامتناع بعد انقضاء مرحلة التدرج التي يقدرها القاضي ينفذ الحكم جبرا . 3-في حالة امتناع المنفذ ضده عن التنفيذ أو حال امتناعه عن الحضور أو اخفائه للمحضون أو المزور للقضاء اتخاذ احدى الاجراءات الآتية أو كلها وهي المنع من السفر ، الأمر بالحبس ، الأمر بإيقاف الخدمات الحكومية ، الامر بإيقاف خدماته في المنشآت المالية. 4-اما في حالة تعدي او تهديد المنفذ ضده للحضون أو المزور أو طالب التنفيذ فلقاضي التنفيذ ان يحبس المنفذ ضده مرة لا تزيد علي 24 ساعة وله احالته لهيئة التحقيق والادعاء العام. ويلاحظ أن الحبس الوارد في هذه المادة حبسا إداريا لا يخضع لإجراءات الجزائية فلم يسبقه تحقيق أو استجواب وإذا رأى قاضي التنفيذ ان الممتنع يستحق اكثر من هذه المدة فعليه إحالة الأمر إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للتحقيق معه في جريمة التهديد أو التعدي لتحرك ضده الدعوى الجزائية . كما انه تنص المادة السادسة والسبعون من نظام التنفيذ الجديد علي انه (يحدد قاضي التنفيذ طريقة تنفيذ الحكم الصادر بزيارة الصغير ما لم ينص الحكم عليها، ويجري التنفيذ بتسليم الصغير في مكان مهيأ ومناسب لهذا النوع من التنفيذ، وتحدد وزارة العدل الأماكن في اللائحة، على ألا يكون في مراكز الشرط ونحوها.). طبقا لهذه المادة إذا لم ينص الحكم علي طريقة زيارة الصغير من حيث المدد والمواعيد والأماكن يكون ذلك من اختصاص قاضي التنفيذ فيقوم بتحديد مكان ووقت الزيارة المناسبة لظروف الطفل وذويه مراعيا العرف والعادة والاحتياج التعليمي والصحي للطفل وظروف ذويه ومصالحهم، ومراعيا المكان المناسب لأطراف التنفيذ متجنبا مراكز الشرط لطبيعة الأشخاص الذين يرتادونها من المجرمين والمتهمين وأثر ذلك في نفوس الأطفال المادة 76 / 2 اللائحة التنفيذية.على أنه يجري تنفيذ حكم الزيارة وتسليم الصغير في مقر سكن المزور أو سكن طالب التنفيذ إذا كان بلده بلد المزور أو سكن احد اقارب المزور في البلد نفسه فان تعذر ففي الجهات الحكومية الاجتماعية أو المؤسسات والجمعيات الخيرية المرخص لها القيام بذلك أو ما يراه القاضي مناسبا من الاماكن العامة وغيرها مما تتوافر فيها البيئة المناسبة المادة 76 /2 اللائحة التنفيذية. علي أنه إذا طرأ ما يقضي اعادة النظر في الحكم الصادر في مسائل الاحوال الشخصية فتنظر الدعوى من قبل قاضي الموضوع. المادة 76 /3 اللائحة التنفيذية. وفي حال تنازع أطراف التنفيذ على المكان أو الزمان الذي حدده قاضي التنفيذ فيعد ذلك من قبيل منازعات التنفيذ التي ينظر فيها ويبت فيها قاضي التنفيذ بموجب المادة الثالثة من نظام التنفيذ.