يبدو ان زامر الحي كان لايطرب صديقنا الذي جلس مشحوناً بالانتقاد اللاذع على احد الشعراء،وكان كمن ينظر في بياض الثوب حتى يجد نقطة سوداء لا تكاد ترى ليصنع منها كبوة لجواد(الزامر)،كان السيد المشحون يستشهد لإثبات رؤيته بأضعف قصايد ذلك الشاعر الغائب ، وكأنه لم يقل ويكتب غيرها،فضلت ان التزم الصمت في ذلك اليوم،وقلت في نفسي ان في رأسي اذنين ولسان واحد لكي اسمع اكثر مما اتكلم،ظل السيد المشحون يتحدث ويتحدث وانا استمع بأذنين وانظر اليه بعينين مطبقاً شفتي حتى لا اقول له:لو كان صديقنا موجود هل ستتحدث بحضرته هكذا!؟. قليل هم الأشخاص الذين يتقنون عدم شخصنة الأمور إذا طُلب منهم الرأي في عمل ما،فيقوم بفصل المواقف الشخصية عن رأيه الذي سيبديه بحيادية،وهذا هو المطلوب حتماً وهو ضرب من ضروب مروءة الرجل، فبينما يحاول البعض حجب الشمس بغربال من خلال إنقاص قدر احدهم بسبب بغضه له،ولكنه في الحقيقة يقوم بتعرية نفسه امام الملأ،محاولاً بجهد ان يجعل آذانٌ الناس كأذنه لا تطرب لهذا الزامر،حتى ولو كانت تربطه به صلة قرابه،وذلك ان مجاهدة النفس للتغلب على اضغانها هو امرصعب على النفس البشرية. وفي الجانب الاخر والمقابل لهذا الجانب يجب ان لايكون ود الشخص ومحبته سبباً في إنزاله في غير منزلته الأدبية كأن يقول قائل فلان اشعرالعرب،ولو بحثت في شعره لوجدت ان الشاعرية لو نطقت لقالت ثلاثاً(إني أبرأ منك). يقول الرائع الحميدي الثقفي: وأقول:انه ترجّل ماسقط عن صهوةالمهرة مثل نجم توهج وأحترق في ذاكرةأعمى! يقلي صاحبي وأشعلت جمر الغيض في صدره سبايا يرقصن مع الغزاة بهودج الظلما! وأقول: إن اللي مايكره يحب واللي يحب يكره!تخلص من شغب ذاتيتك حاول تكون أسمى.