عوض الشماسي طفل نزيل بمركز التأهيل الشامل بجدة مصاب بمرض التوحّد، وهو المرض الذي عجز الطب الحديث - حتّى الآن - في إيجاد علاج له، ولا يتواصل المصاب به اجتماعياً، بل يردد الكلمات كما تُقال له، وهو خلل ذهني حاد. وهو معاق بالرغم من ذلك حفظ القرآن!! ولد عوض قبل خمس عشرة عاماً لأبوين سالمين هما في الحقيقة أبناء عمومة ما يفسر تاريخ الإعاقة لعوض وبعض إخوته يقول الأستاذ محمد الشمري المشرف بحلقات خدمة المجتمع بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة : عوض الشماسي، احتضنته الجمعية ، ضمن برامج إعادة التأهيل وهو مصاب أيضًا بالعمى، فتأثّر الحضور كثيرًا لصعوبة الموقف! لكن ذلك الحزن تبدد بمجرد أن قرأ الطالب آياتٍ قرآنيةً بصوتٍ شجيٍّ، وإتقانٍ عجيبٍ للتجويد، يعجز عنه كثير من الأصحاء! التقينا بأخيه الأكبر صالح الشماسي، الذي فاجأنا بروحه العالية، وصبره الجميل، حيث يعاني هو أيضًا من إعاقة بصرية، فقد وُلد أعمى، حيث ينتقل العمى في العائلة وراثيًّا. وقال: بدأتْ أعراضُ التوحّد تظهر على عوض في فترة مبكرة في الثالثة تقريبًا بنوبات غضب غير مبرر، وصراخ مستمر، وكانت عندنا فكرة واضحة عن المرض. إذ أن لعوض أختًا أكبر مصابة بالمرض. التعامل مع طفل مصاب بالعمى يعتبر تحديًا كبيرًا.. كيف والإعاقة في حالة عوض مزدوجة بمرض ذهني صعب ( التوحّد) فكيف تم اكتشاف مهارة عوض في الحفظ؟ يقول صالح: لاحظتُ أنَّ عوض يهدأ كثيرًا عندما يستمع للقرآن، فحرصتُ على ترك كاسيت القرآن دائرًا بشكل مستمر، لفترات طويلة قريباً منه ، فكانت النتيجة أن بدأ عوض يرددُ الآيات حتّى بالتقطيع الذي يحصل لبعض الأشرطة الصوتية. كمال فتياني أخصائي النطق واللغة بمركز التأهيل الشامل بجدة أكد على تميّز عوض بقدرة كبيرة على الحفظ تفوق أقرانه من المصابين بالتوحّد، والذي يتميّز المصابون به بدرجة عالية من التقليد الذي يجعلهم مع التكرار قادرين على حفظ مصطلحات، وعبارات، ولكن مع تدريب شاق وطويل المدى، ولكن حفظ عوض للقرآن يؤكد معجزة القرآن الذي قال الله عنه: (.. ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر). ويؤكد مدير مركز التأهيل الشامل الأستاذ حسين مغربل على أنه لم يشهد مثل حالة عوض طيلة فترة عمله مع مرضى التوحّد، والتي امتدت لأكثر من ثمانية عشر عامًا، فهو بحق معجزة قرآنية على حد تعبير مغربل. عوض الشماسي رسالة قوية لمن مَنَّ الله عليه بالصحة والعافية، مفادها أن مَن يُرد الله به خيرًا ييسّر له حفظ كتابه، ويكون شامةً بين الناس، وذخرًا للوالدين، وصورةً مشرقةً يفخر بها المجتمع.