من المعلوم ان المسافة الفاصلة بين ولادة النص وقراءته من قبل المتلقي يُعبّر عنها في علم الادب بأنها زمن النص،ولذا فإن القصيدة تشبه البركان الخامد او المادة الخاملة،اذا مابقيت حبيسة الورق، وحتى تتفجر ينبغي ان يتوفر لها قاريء ذو ذائقة، والقُرّاء تختلف معاييرهم التفاعلية التي تقوم بإثارة النص من عدمه،فهناك قارئ يملك مفاتيح النص وتثمين قيمته التقديرية،وهناك قارئ سطحي لايستطيع فهم الا النصوص(المهترئة)التي تناسب إمكانياته،ولكن المُلاحظ ان انخفاظ اللياقة اللغوية والبلاغية لدى الغالب خلقت تمدد في(زمن النص)،تسببت في إبطاء بزوغ المبدع من خلال نصوصه التي لم تُفهم، وقامت بتأجيل الاحتفاء به كأديب حتى تُوفي بعضهم ولم يُعطى المساحة المستحقة له الا بعد رحيله،ولذا إذا ما تم الحديث عن الموضوع بأبسط الطرق فإن الملاحظ والسائد هو مايلي: عند ظهور شاعر ما يمتطي صهوة الإبداع ويكتب بتفرد،فإن فهم مقاصد الكتابة تأويلياً تظهر على المتلقي متأخرة،واذا لم يتم تأويل النص من قبل القاريء بالشكل الصحيح فإنه تلقائياً يقوم برفضه من منطلق (الخروج عن القطيع)او(التغريد خارج السرب)ولكن النص الإبداعي الباذخ الذي يشبه(العود المعتق)يزداد جمالاً كل ما مر عليه الزمن، وعلى النقيض فالنص(المغشوش)يتهالك عند استهلاكه قرائياً حتى يُنسى، وهذا ماقد يعبّر عنه بطول زمن النص،والذي يكون سببه الرئيسي القاريء(الإمعه)،الذي لا يملك الأدوات الفكرية المناسبة للتشريح الصريح والتأويل الصحيح،وعليه فقد يُلاحظ في الأزمنة الحالية الطول اللامنطقي الذي يقع بين زمن الولادة وحتى زمن استيعاب القاريء له، ولعلها تكون تغريبة لغوية أتت عابرة مع الذين استبدلوا كلمة (نعم) ب(يَبّ)،ورحم الله الثبيتي محمد الذي قال: أدِرْ مهجة الصبحِ حتى يئن عمود الضحى وجددْ دم الزعفران إذا ما امّحى أدر مهجة الصبح حتى ترى مفرق الضوء بين الصدور وبين اللحى أيا كاهن الحي أسَرَتْ بنا العيسُ وانطفأت لغة المدلجينَ بوادي الغضا