يراقب العلماء مذنبا يحلق بالقرب كثيرا من كوكب المريخ ويعرف المذنب الجليدي باسم "سايدينغ سبرينغ"، وسيحلق على مسافة قريبة للغاية من الكوكب الأحمر، بمسافة تقدر بنحو 139,5 ألف كليومتر.ويأمل العلماء في أن تتمكن الأقمار الصناعية، التي تدور حول المريخ، والمركبات الفضائية على سطحه من تسجيل الحدث بكاميراتها وأدواتها العلمية. وتم توجيه المسابير الفضائية لكي يتسنى تسجيل الحدث من مواقع رؤية متميزة. وقد يمثل الغبار سريع الحركة الذي سينبعث من المذنب خطرا صغيرا، لكنه ملموس على المسابير الفضائية.ووجهت وكالات الفضاء الأمريكية والأوروبية والهندية أقمارها الصناعية لكي تكون على الجانب الأبعد من الكوكب، عندما تمر على حقل حطام المذنب سايدينغ سبرينغ. وينتظر العلماء هذا الحدث بشغف، لأنه يمثل الفرصة الأولى لدراسة واحد من المذنبات الأبعد عن النظام الشمسي.ويأتي المذنب سايدينغ سبرينج، ويعرف أيضا باسم C/2013 A1، مما يسميه العلماء سحابة "أورت"، وهي منطقة كروية هائلة من الفضاء، تبعد كثيرا عن الكواكب وتقع في الطريق إلى النجوم الأقرب.وعلى هذا النحو، فإن المذنب سيتعرض لحرارة الشمس للمرة الأولى، وهذا يعني أنه لم يطرأ عليه تغير يذكر منذ تكونه قبل 4.5 مليار سنة. وفي حالته الأصلية، يتوقع أن يقدم المذنب رؤى للمواد التي دخلت في بناء النظام الشمسي. ويقول "كاري ليسه" الباحث بمركز الفيزياء التطبيقية في جامعة جون هوبكنز الأمريكية: "ربما يسقط المذنب سايدينغ سبرينغ في النظام الشمسي الداخلي بمرور نجم بالقرب من سحابة أورت". وأضاف "ولذلك فنحن نفكر في مذنب بدء رحلة السفر ربما منذ فجر الإنسانية، وها هو يأتي الآن. والسبب الذي يجعلنا نستطيع مراقبته هو أننا ابتكرنا الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية، وهي الآن موجودة على سطح المريخ. هذا أمر مثير للغاية". وتعد النواة الجليدية للمذنب بطول كليو متر واحد، لكن قمرا صناعيا استطلاعيا تابعا لوكالة الفضاء الأمريكية سيحاول تصويره وتحليل شكله، الأمر الذي لم يحدث من قبل لأي جسم سماوي قادم من سحابة أورت.وستدرس الأقمار الصناعية الأخرى الغاز والغبار الموجود على سطح المذنب، والمواد المنبعثة منه أو ما يعرف بذيل المذنب.كما ستدرس الأقمار الصناعية خصوصا أي تفاعلات ستحدث في الغلاف الجوي لكوكب المريخ.ومن المرجح أن ترتفع حرارة المريخ قليلا مع سقوط مواد من المذنب عليه.ويتوقع أن ترصد الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية بعض التغيرات الكيميائية العابرة، وربما بعض التغيرات الدورية.وسيعمل المسباران الفضائيان "ذا كوريوزيتي" و "أبورتيونيتي" على تصوير المذنب سايدينغ سبرينغ في السماء من مواقعهم على سطح المريخ، الأمر الذي لن يكون سهلا بسبب الغبار المنبعث من المذنب.ويقول البروفيسور "دان براون" المتخصص في علم الفلك بجامعة بجامعة نوتنغهام ترنت في بريطانيا إن "اقتراب المذنب من كوكب المريخ أمر مثير للغاية إذ أن لدينا الكثير من الأدوات على سطح المريخ، ولذلك فإن العديد من المركبات الفضائية المتنوعة ستعمل معا".وأضاف "لم يصمم أي من هذه المركبات من البداية من أجل هذه المهمة، ولذلك فإن هذا الأمر يبين من وجهة نظري كيف أن العلم يمكن أن تدفعه الصدفة أحيانا".ويقترب المذنب من المريخ بزاوية حادة من جنوب المسار الشمسي، وهو السطح الذي يوجد عليه الكواكب والمكونات الأخرى للنظام الشمسي الداخلي.ويعد هذا واحدا من الأسباب التي جعلت العلماء يعرفون أن المذنب قادم من سحابة أورت.أما السبب الأخر فهو سرعة المذنب التي تبلغ أكثر من خمسين كيلومتر في الثانية. وتقول البروفيسور "جيزيكا صن شاين" من جامعة ميريلاند إن هذه السرعة الفائقة هي التي تنبهنا إلى ضرورة التيقظ إزاء هذا النوع من المذنبات، التي تعلن عن نفسها خلال أشهر قليلة. وأضافت حال اصطدام المذنبات بكوكبنا ستتولد عنها طاقة هائلة.يشار إلى أن المذنب سايدينغ سبرينغ اكتشف لأول مرة في يناير/ كانون الأول عام 2013.وأضافت صن شاين "نحن نشهد تطورا في رصد الأجسام السماوية القادمة من سحابة أورت، لأن التلسكوبات وأدوات الرصد الآلية تتقدم كثيرا، في تصوير الأجسام التي تتحرك في السماء".واختتمت شاين حديثها قائلة "إذا كانت هذه الأشياء ستأتي إلى الأرض فسنواجه مشكلة، لأنه في غضون أشهر قليلة من اكتشافها لن نتمكن من فعل أي شيء إزاءها ".