كم هو جميل ورائع أن تتصافى القلوب وتتقارب , وتتسامح النّفوس وتتسامى , وتتصافح الأيادي لتتساقط الذّنوب , فتبتسم الوجوه لتشعّ البهجة والسّرور بين الجميع .وكم هو مؤثّر ذلك المشهد البديع الذي يتجلّى في صباح يوم العيد حيث يتبادل الجميع المشاعر الصّافية ويردّدون عبارات التّهنئة الصّادقة .. يكسوهم البشر , ويغمرهم السّرور كبارا وصغارا .سعادتهم أولا بأن أتمّ الله عليهم شهر رمضان والدّعاء إليه عزّ وجلّ بأن يتقبلّ منهم الصّيام والقيام وصالح الأعمال . وسعادتهم الأخرى بالّلقاء الجماعيّ الحميميّ في صلاة العيد - التي يخرجون إليها متجمّلين رجالا ونساء وأطفالا - وهذه الفرائحية المعطّرة بالإيمان . حيث لا ترى إلا وجوها متهلّلة الأسارير ولا تحسّ إلا بأنفس نابضة بالحب ولا تسمع إلا أطيب كلمات التّهاني وأجمل عبارات الأماني المقرونة بالمودّة الصّادقة ) كلّ عام وأنتم بخير ) ( عيدكم مبارك ) ( من العائدين الفائزين ) ( تقبلّ الله الطّاعات ( ... تنطلق هنا وهناك يتردّد صداها بين الجنبات , لتنطبع على شغاف القلوب . والأروع أن تهفو النّفوس إلى مرضاة الله فتتخلّى عن الضّغائن والأحقاد , فتذوب خلافاتهم مع مصافحتهم وعناقهم , وتنتهي مشكلاتهم فيما بينهم مع صادق عباراتهم . وذلك هو المعنى الإيمانيّ للعيد الذي يبدأ بذكر الله عزّ وجلّ بالتّكبير والحمد والتّسبيح والتّهليل وبالصّلاة على الرسّول عليه السّلام . فالعيد في الإسلام يتضمّن معاني سامية جليلة، ومقاصد عظيمة فضيلة، وحِكماً بديعة بليغة ، حيث يتذكّر النّاس أحباءهم ويصلون أرحامهم ويذكرون أصدقاءهم ويعودون مرضاهم ويعطفون على من حولهم من الأيتام ويحسنون إلى المحتاجين يقدّمون عيديّاتهم ويزورون قبور موتاهم للدّعاء لهم والتّذكر والتّفكر بنهاية هذه الحياة التي تستوجب ألا تصرف الإنسان عن أداء الحقوق والواجبات تجاه النّفس والأسرة والأقارب والمجتمع والأمّة . وفي أيام العيد ينهمر سيل الرسائل والاتصالات بين أفراد المجتمع بشكل يدعو لكثير من الارتياح لأن المعاني الجميلة لا زالت قائمة والجوانب المضيئة أيضا باقية . وفي العيد كذلك يقف النّاس مع أنفسهم في مراجعة متأنّية تدعوهم للهدوء النفسي بعد الّلهاث الطّويل والانشغال بالحياة المادّية التي ربما أنستهم كثيرا من الأمور الأكثر أهمية . وقفة : إذا كان من سنن العيد إظهار السّرور فمن الواجب ألا يشغلنا فرحنا بعيدنا عن جراحات الأمّة وهمومها فلا ننسى أطفال غزة الذين امتدت إليهم يد البطش والعدوان والغدر والطّغيان ولا ننسى إخواننا المنكوبين والمحرومين في أي أرض مسلمة وأن يكون عيدنا عيدا لهم بالبذل والسخاء والعطاء و الدعاء لهم بالنصر والعزّة والتّمكين . وأن نستشعر ما نعيشه في هذه البلد الطاهر من أمن وخير واستقرار , تستوجب من جميعا التّكاتف والتّعاون للمحافظة وكل عام وأنتم والوطن الغالي بألف خير.