أثرت أدوات الإعلام الجديد على الحِراك الإعلامي العالمي الذي يشهد منافسات ضارية للاستحواذ على الحصة الأكبر من الجمهور، وسط ارتفاع ملحوظ في حجم تبادل المعلومات بين أفراد المجتمع لمواكبة التطورات المتلاحقة في العالم، الأمر الذي جعل البعض منها يفتقد للمصداقية في الطرح. وحرصًا على تحقيق الشفافية والموضوعية في المعلومات التي يتم تناقلها في المملكة، أصدر مجلس الوزراء قرارًا برقم (209) وتاريخ 29 / 9 / 1434ه، يتضمن قيام الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة خاصة الخدمية منها بتعيين متحدثين رسميين في مقرّاتها الرئيسة والفروع التابعة لها، لتأمين نقل المعلومة إلى المجتمع بكل وضوح عبر وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، والتجاوب مع الاستفسارات التي تُطرح تجاه أي موضوع يشغل الرأي العام، لمنع أي مجال لتبادل الإشاعة وانتشارها. وأمام هذا التطور الإعلامي الحديث والمتسارع، كان لابد من تطوير مهارت هؤلاء المتحدثين، بما يتواكب مع التطورات الحاصلة في وسائل التقنية، والوصول بهم إلى درجة متقدمة من المهنية والحرفية في ظل التنمية الشاملة والنهضة المباركة التي تشهدها البلاد. وفي ذلك السياق، دشن معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة في العشرين من شعبان الجاري منصة (نال) الإلكترونية التي تهدف إلى تنظيم التواصل الإعلامي بين المتحدثين الإعلاميين في الجهات الحكومية ووسائل الإعلام المختلفة. وجاءت فكرة إنشاء منصة (نال)لتكون واقعًا ملموسًا تنظم التواصل بين المتحدث الرسمي والإعلامي، وتحد من فرص انتشار الشائعات في المجتمع، حسبما قال المشرف العام على المنصة خالد بن محمد الفال، حيث تعد قناة اتصال آمنة بين منسوبي الجهات الإعلامية الموثقين والجهات الرسمية المسؤولة في القطاع العام والخاص. وقال خالد فال في حديث لوكالة الأنباء السعودية إن منصة (نال) تتم عن طريق تقديم خدمات إلكترونية لجميع الأطراف تعمل على أنواع مختلفة من الأجهزة الذكية وأجهزة اللوح الكفي الشخصي (Smart Phones & Tablets) وكذلك صفحات الويب التي من شأنها تنظيم الأعمال وتوثيقها عن الجهات الصادرة منها وفق الصلاحيات الممنوحة لكل طرف وضمان سبل الحماية والأمان والمسؤولية. وأفاد أن موقع المنصة (www.nal.sa) يمكن المتحدث الرسمي من متابعة جميع الاستفسارات الموجهة للجهة التابع لها وفق صلاحياته وتعطيه مزايا الرد باستخدام أدوات الهاتف، كما تمكنه من إرفاق الملفات اللازمة كملفات الفيديو والصوت والصور. وتوفر المنصة مجموعة من التقارير والإحصائيات الخاصة بمتابعة جميع الأطروحات والقضايا على مستوى الفرد أو الجهة الإعلامية أو الجهة الرسمية أو على جميع المستويات وهى الإعلامي (الجهات الإعلامية والصحف الورقية والإلكترونية والقنوات التلفزيونية والإذاعية وغيرها) والمتحدث الرسمي (ويقصد به الناطق الإعلامي المعتمد من قبل الجهة الحكومية أو الهيئات العامة أو الخاصة) إلى جانب المتلقي الذي يحق له التصفح والاطلاع على جميع الآراء والأخبار والقرارات التي تنشر على الصفحة العامة. وتمكن المنصة الإعلامى من التفاعل مع الرأي الآخر المعني بالخبر ( الناطق الرسمي) لتكتمل لديه الصورة وفق مهنية عاليه توفر له السرعة والدقة وتحقق له السبق الصحفي، إضافة إلى المصداقية والتحقق من هوية القائم على الاتصال من الإعلاميين، وتوفر نظام أرشفة عالي الجودة يتم من خلاله توثيق وحفظ جميع المعلومات المتبادلة عبر المنصة. وحرصت وزارة الثقافة والاعلام على عقد دورات تدريبية للمتحدثيين الرسمين عن بعد عبر الشبكة العنكبوتية كان آخرها ورشة العمل التي عقدت في جدة بعنوان (عمل المتحدث الرسمي.. الإعلام الجديد.. الرؤية والتطلعات), التي أفتتحها معالي وزير الثقافة والإعلام بحضور عدد كبير من المسؤوليين في القطاعات الحكومية والإعلامية. وألقى معالي وزير الثقافة والإعلام كلمة خلال الورشة سلط فيها الضوء على سمات الواقع الذي نعيشه الآن ومن أبرزها التدفق الهائل للمعلومات وتنوع مصادرها الذي أصبحت فيه الهواتف الذكية ترافق الفرد على مدار الساعة ويستقي منها معلومة تلو الأخرى وبوسائط متعددة، مبينًا معاليه أن ذلك تعزّز بالتطورات الهائلة في الحاسبات الإلكترونية وتطبيقاتها المختلفة التي أنتجت وسائل للتواصل الاجتماعي تستخدم على نطاق واسع من قبل مئات الملايين من البشر من مستخدمي الفيس بوك وتويتر واليوتيوب والواتس آب إلى غير ذلك. وأرجع معاليه أهمية وجود هذه المنصة إلى الحتمية التي فرضها العصر في مواجهة هذا التدفق بمهنية تزيل الظلامية منها وتصحّح ما فيها من مغالطات، مبينا أن فكرة وجود متحدث رسمي لكل جهة أصبحت مهمة للتواصل مع وسائل الإعلام وتمثيل جهته في كل ما يتعلق بشؤونها كما هو مطبق في الكثير من دول العالم التي فطنت إلى حتمية استحداثها بسبب التطورات الهائلة في مجال تدفق المعلومات. وفيما يتعلق بصفات المتحدث الإعلامي، فقد أوجزها معالي وزير الثقافة والإعلام في نقاط معينة أبرزها أن يكون هو صاحب المبادرة بالتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة سواء تقليديه أو جديدة، وأن لا يكون ديدن عمله فقط هو رد الفعل لما قد ينشر عن الجهة التي يمثلها بين الفينة والأخرى بل يكون تواصلاً مع وسائل الإعلام لتوضيح كل ما يستجد على جهته من أعمال أو مشاريع وتطورات، فضلا عن أن يكون المتحدث ملمًا إلماماً كاملاً بالمهام وبهيكلة الجهة التي يمثلها وبعلاقتها بالمشاريع والخدمات التي تقدم للمواطن، وأن يتفاعل مع ما يتداول من الأخبار التي تهم جهته ويكون جاهزاً لكل التساؤلات من قبل وسائل الإعلام، ويضع في اعتباره أن مهمته الأساسية التواصل بأريحيه وصدر رحب للإجابة على كافة التساؤلات المتعلقة بجهته، وتزويد وسائل الإعلام بما يستجد لدى جهته ليطلع عليها المواطن. وحول الرؤية والتطلعات تجاه هذه المنصة، أوضح وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الدولية المتحدث الرسمي باسم الوزارة الدكتور عبدالعزيز الملحم، أن الوزارة عقدت ثلاث ورش عمل ناقشت الورشة الأولى « المتحدث الرسمي.. كيفية التعامل مع وسائل الإعلام» عام 1434ه حضرها 150 شخصًا، والورشة الثانية بعنوان « ورشة عمل المتحدث الرسمي والإعلاميين.. المسؤولية المشتركة» في الشهر الثالث من العام نفسه وحضرها 220 شخصًا، والثالثة بعنوان « عمل المتحدث الرسمي « الإعلام الجديد..الرؤية والتطلعات « 200 شخص. وقال الدكتور الملحم إن الورشة الثالثة تطمح الوزارة من خلالها إلى وضع طرق حديثة في أساليب تواصل المتحدثين بالإعلاميين, وهي ما سيكون لها مردود إيجابي في تطوير التعاون بين الطرفين بما يحقق توفر المعلومة الدقيقة والكاملة للجمهور الذي تسعى له حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله-. ومن جهتهم أكد عدد من المتحدثين والناطقين الإعلاميين في تصريحات لوكالة الانباء السعودية، أن ورش العمل الثلاث التي نظمتها وزارة الثقافة والإعلام فرصة لوضع الأطر المناسبة لعلاقة الأطراف في تزويد المعلومة، مبينين أن منصة «نال» تضع حدًا للاشاعات التي يتداولها البعض حيث إن الجميع ستظهر له الحقيقة بعد تقديم المعلومة الصحيحة المستقاة من الواقع المعاش. فقد أكد رئيس لجنة السلامة البحربة الرئيسية والناطق الإعلامي بمنطقة مكهالمكرمة العقيد البحرى ناجي بن منصور الجهني، أن تنظيم العلاقة بين المتحدث الرسمي ووسائل الإعلام يجعل المعلومة متاحة بشكلها الصحيح، بينما قال مدير إدارة الندوات والمؤتمرات بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد محمد بن منصور بن لؤي، أن ورش العمل التي نظمتها وزارة الثقافة والاعلام أتاحت المجال لكل الأطراف المعنية بتقديم المعلومة والحصول عليها من معرفة التنظيم الواجب اتباعه حتى يتم تدفق المعلومات وفق آلية محددة تضمن للجميع معرفة الخبر من مصدره. وأفاد مدير الإعلام التربوى في الإدارة العامة للتربية والتعليم بمحافظة جده عبدالمجيد الغامدي، أن منصة « نال « تتيح لكل إعلامي الاطلاع على المعلومة الصحيحة التي تصدرها الجهة المعنية دون اللجوء للمعلومات المغلوطة التي قد يتداولها البعض دون دراية أو علم. وبين مدير العلاقات والإعلام والناطق الإعلامي بإدارة الدفاع المدني في محافظة الطائف العقيد ناصر بن سلطان الشريف أن (نال) ستؤدي دورًا مهمًا في سبيل تقديم معلومة دقيقة عن حدث من الأحداث يخص جهة حكومية حتى يتاح المجال لجميع مستقبلى المعلومة أن يقفوا على حقيقة ما يجرى وما يمس الحدث المعنية به هذه الجهة.