خسر الوطن شخصية ثقافية فذة، معالي الأخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الخويطر الذي اثرى مكتبة الوطن بمؤلفاته الفريدة في موضوعها، ويأتي في مقدمتها موسوعته التراثية (أي بني) التي تحمل رسائل صادقة، ورؤية ثاقبة أحكمتها التجربة في ميادين الثقافة والمعرفة والتعليم والتعليم. كما ان موسوعته الضخمة: "رسم على أديم الزمن" تحكي سيرته الذاتية، وهي: ثرية بالعبر، وغنية بالخواطر. وفي موقعه الوظيفي سخر جهده وفكره ووقته لخدمة الوطن، فقد نال ثقة ولاة الامر لنزاهته واخلاصه وتفانيه في تقديم ما هو يراعي "المصلحة العامة" لا الخاصة في جميع المناصب التي تولاها سواء في وزارة الشؤون الاجتماعية أو وزارة المالية أو العمل أو التربية والتعليم أو التعليم العالي أو الصحة أو الزراعة حتى في منصبين وزير دولة وعضو مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء. وفي تعامله مع الادباء والكتاب والباحثين - وأنا واحد منهم - كان يشعرك بتواضعه الجم ويتناول ما لديك من مؤلفات وبحوث ودراسات برحابة صدر ويتأملها بعمق، فيتطلع واحدة فواحدة، مؤلفاً فمؤلف، ويبدي - ما يراه - مناسباً، وحينما يلاحظ ان موضوع الكتاب ثرياً يتوقف بضع دقائق ثم يغلقه بهدوء - قائلاً: بارك الله فيك احسنت! وقد لمست ذلك بنفسي عندما اهديت مؤلفاتي في دائرة الوطن المطبوعة، وبعض مؤلفاتي في دوائر مختلفة، منها: في دائرة العلاقات الدولية والاقليمية، وفي دائرة الهيئات العالمية وفي دائرة الفرد والاسرة والمجتمع الى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - طلب معالي رئيس الديوان الملكي الاستاذ خالد عبدالمحسن التويجري ان تحال لمعاليه ليقدم عرضاً موجزاً عنها، ذهبت الى مكتب معاليه للسلام عليه، فاذا بي آراه مسرورا، فاسترعى انتباهي هذا السرور فلم يمهلني - يرحمه الله رحمة واسعة - لقد سرني تنوع مؤلفاتك - ما شاء الله - في ميادين مختلفة، فشكرته على هذه اللفتة، فغمرني باريحيته المعهودة للقارئ انت اديب وباحث موسوعي، ودبلوماسي بارع تعرف جيدا ما يتطلع اليه القارئ المثقف - مثلي - فانا من المتابعين لما تكتبه في الصحف والمجلات من مقالات مفيدة، تختار موضوعاتك بعناية تامة حتى ما تتضمنه من معلومات واحصاءات تدعم به ما تراه من حلول تدل على انك كاتب واعي ومثقف ثاقب النظرة لا تخطئ في آرائك فهي سديدة، وفقك الله وبارك لك فيما تقدمه من كتب ومؤلفات، فكتابك الفذ "التمثيل الدبلوماسي والقنصلي" اعود اليه بين الفينة والفينة لما تتضمنه من معلومات تاريخية دقيقة لم اجدها في اغلب من كتب في هذا الموضوع! واما مؤلفاتك في العلاقات الدولية والاقليمية - اقصد في نطاق الهيئات الدولية محتفظ باغلبها في مكتبي، فهي مراجع في بابها ككتابيك: "هيئة الاممالمتحدة" و"حركة عدم الانحياز" واما مؤلفاتك في نطاق الوطن التاريخية أو سواها كمؤلفيك "ميلاد المملكة العربية السعودية" و"النفط السعودي منذ عهد الملك عبدالعزيز حتى اليوم" أو "المملكة العربية السعودية والمنظمات الدولية" تعد موسوعة وطنية احسنت في اختيار موضوعاتها بعناية تامة، فانت مكانك المناسب هنا! يقصد - رحمه الله - الديوان الملكي. نهض مودعاً الى نهاية مدخل مكتبه مطالباً بتزويده بالجديد أولاً بأول ولاسيما مؤلفي الذي ذكرته له سيصدر قريبا بعنوان "الحكم السعودي منذ عهد الملك عبدالعزيز حتى اليوم". رحم الله فقيد الوطن والتاريخ والتراث، واسكنه فسيح جناته والهم اهله وذويه واسرته الصبر والسلوان. "إنا لله وإنا إليه راجعون".