رغم مرور أكثر من قرن ونصف القرن على إنشاء أول خط للسكة الحديد في مصر فإن متحف السكة الحديد لايزال يحتفظ بين جدرانه بسجل وافر من المجسمات والآثار التي تمثل ذاكرة الشعب والمخزون التاريخي للأمة. يعد متحف السكة الحديد بمصر، أقدم متحف من نوعه في الشرق الأوسط على الإطلاق، والثاني من نوعه على مستوى العالم بعد متحف "يورك" ببريطانيا. وقد واكب فكرة إنشاء هذا المتحف، انعقاد المؤتمر الدولي للسكة الحديد في مصر في مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين، فبدأ تشييده في أكتوبر 1932، وافتتح للجمهور في 15 يناير 1933 ويحتل المتحف موقعا متميزا بجوار محطة مصر للسكة الحديد في ميدان رمسيس بالقاهرة ويتكون من طابقين، ويضم مكتبة تشمل ما يقرب من 500 مجلد وكتاب وثائقي عن الحركة التاريخية والفنية للنقل والسكة الحديد في مصر والخارج. يرجع تاريخ إنشاء هذا المتحف إلى عهد الملك فؤاد الأول ويقع بداخل المحطة ويتكون من طابقين، وأهمية المتحف ترجع إلى أنه يضم سجلا وافرا من المجسمات والآثار التي تمثل ذاكرة الشعب، وتاريخ الأمة، على امتداد أكثر من 150 عاما، ويحتوي على مقتنيات أصلية نادرة تعد توثيقا لتاريخ عمليات النقل في مصر، والتحولات العمرانية الشاملة التي شهدتها، بالإضافة إلى وثائق ونماذج وصور نادرة لأقدم ثاني سكة حديد في العالم. والمقتنيات تشمل نماذج لقطار الخديوي سعيد باشا والقاطرة البخارية القديمة والفحم وأول قاطرة دخلت مصر تعمل بالديزل في عام 1855، إلى القطار الذي يعمل بنظام الجر الكهربائي حاليا "مترو الأنفاق"، كما يتميز المتحف بأنه يحتوي على العربات الملكية. وترجع أهمية المتحف التاريخية إلى أنه يضم النص الأصلي، للعقد الذي وقعه الخديوي عباس الأول في 12 يوليو عام 1851 مع روبرت ستينفسون نجل مخترع القاطرة البخارية، لإنشاء الخط الحديدي الذي يربط بين العاصمة المصرية والأسكندرية، بطول 209 كم، وكذلك وثائق توضح أن عام 1854 شهد تسيير أول قاطرة على الخط الحديدي في مصر بين الإسكندرية ومدينة كفر الدوار فوق المجاري المائية وبواسطة المعديات. يوجد بالمتحف معروضات النقل والمواصلات في عهد قدماء المصريين (الفراعنة) بمجموعتين من الصور المضاءة المثبتة على الجدران، وتعد "الدهبية" – وهي وسيلة نقل بحرية شبيهة بالكراكب الحديثة – من أرقى وسائل النقل خلال تلك الفترة الزمنية، وتوجد صورة لدهبية أحد الأشراف ويدعى "سابو" وهو من الأسرة الخامسة (عام 2500 قبل الميلاد)، وتتميز"الدهبية" باعتمادها على الشراع والدفة. وبعيدا عن المياه، كانت "المحفة" هي وسيلة النقل البرية، وتوجد صورة فريدة لأحد الأمراء الفراعنة وهو (أرخو) يركب المحفة المحمولة على حمارين، وتشتمل الصورة أيضا على مناظر لقطعان من الحمير، بعضها يحمل أثقالا والبعض الآخر يدرس الحبوب.. كما يحرص المتحف على عرض تماثيل أثرية للفراعنة وخاصة لكل من أمنمحات الثالث ورمسيس الثاني والطبيب "مي عنخ رع". وفي قسم الخرائط بالمتحف توجد أربع خرائط لمدينة القاهرة في أربعة عهود مختلفة، الأولى تم إعدادها أثناء وجود نابليون بونابرت في مصر، والثانية عام 1846م، والثالثة عام 1858م، والرابعة عام 1868م. ويحتفظ المتحف بنموذج لأول قاطرة للسكة الحديد دخلت مصر، وتم صناعة هذا النموذج في ورشة بولاق التابعة للهيئة، وهو يمثل قطار سكة حديد قام بصناعته استفنسون وشركاؤه في بريطانيا بناء على طلب من الحكومة المصرية في ذلك الوقت، وقد تم استخدام القاطرة الأصلية عند افتتاح أول خط للسكة الحديد، وللقاطرة ست عجلات، والأربع الخلفية منها مرتبطة ببعضها، وكان استعمالها مقصورا على نقل الركاب فقط وذلك سنة 1852.