ما هي محصلة العام الدراسي لطلابنا وهل أثمرت الجهود التعليمية والتربوية في تحقيق الأهداف المنشودة ؟ سؤال يطرحه الكثيرون بعد انتشار مقطعي فيديو يبرزان مشكلات سلوكية طلابية في بعض المدارس الحكومية الأول يظهر مجموعة من طلاب إحدى المدارس الابتدائية بالرياض وهم يمزقون كتبهم وينثرون أوراقها بشكل عبثي في الشارع , بل وصل الأمر ببعضهم إلى إلقائها في وجوه المارة بشكل مؤسف , وسط صيحاتهم وضحكاتهم التي تعبر عن حالة الابتهاج بما يفعلون ! وفي المقطع الثاني تظهر تصرفات لطلاب أكبر سنا وهم يعبثون بمحتويات مدرستهم من خلال تكسير النوافذ وإتلاف المقاعد والسبورات ...يدعمه تصفيق وتشجيع مستغرب من زملائهم الآخرين الذين لم تمر عليهم عدسة الكاميرا . وكأنما يعلنون بأن النتيجة التربوية صفر .. لأن تلك التصرفات تظهر فشل الجهود التي قدمت طوال العام إن كانت هناك جهود !! وما أدهشني هو اهتمام إدارة التربية والتعليم بالعقوبات وتعليق النتائج قبل بحث الأسباب التي أدت إلى هذه المشكلات السلوكية الجمعية .وهي تزيد من المشكلة بل تفاقمها . فهناك من يرجع دوافع العبث بممتلكات المدرسة إلى الضغوط النفسية , وربما المدرسية التي تجعل الطالب ينتقم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من الجهة التي أدت إلى هذا الضغط النفسي الكبير من وجهة نظره . وقد يكون التصرف بسبب التقليد السلبي والمحاكاة وتقمص أدوار الآخرين . ولأن المختصين ينظرون إلى أن المشكلات السلوكية هي كل سلوك غير مرغوب فيه يمارسه الطالب بما يتعارض مع الدين وقيم وعادات المجتمع وأنظمة ولوائح المؤسسة التعليمية . وهناك مشكلات يكون تأثيرها على مرتكبها فقط وأخرى تأثيرها يطال فئة معينة من المحيطين بالطالب مثل قذف المارة وإتلاف الممتلكات وغيرها من التصرفات غير الأخلاقية . ويظل ما شاهدناه قضية تجاوز تأثيرها على فاعليها إلى غيرهم مما يستدعي دراسة الأوضاع ومعرفة جوانب الخلل فالمسألة ليست محصورة في غياب الدور الرقابي والإشرافي لذلك اليوم أو تسليم الكتب فهذا لا يعالج المشكلة إطلاقا لأن العوامل النفسية كامنة وقد تستيقظ في أي لحظة لتدفع بالطالب لعمل سلوكي مخالف , فالجانب الرقابي لا يحل الوضع تماما بل يخفيه مؤقتا ليظهر في توقيت آخر متى تهيأت الأسباب. وهناك من يقول بأن المسألة لا تقف عند حد إيقاع العقوبات بل تتطلب إيجاد حلول سريعة للمشكلات , وكان الأولى سرعة استضافة عناصر تربوية مؤثرة للتحدث مع أولئك الطلاب بأسلوب يصل إلى العقول والقلوب . وكان من المناسب لو تم عرض ما قاموا به أمامهم على شاشات كبيرة وبحضور أولياء أمورهم ليطلعوا على ممارساتهم الخاطئة وما يجب فعله لتصحيحها , والوصول إلى حالة الإطفاء النفسي للمحرك السلوكي السلبي. وإذا كان الإجماع بأن الصراع النفسي ينشأ في العادة بسبب الضغوط فإن من واجب المؤسسات التربوية والتعليمية أن تتنبه لمثل هذه الأسباب , لا سيما وأن سياسة التعليم في المملكة نصت إحدى موادها على رفع مستوى الصحة النفسية بإحلال السكينة في نفس الطالب وتهيئة الجو المدرسي المناسب , ويقع عليها مسؤولية الحزم الموجه والتأديب المتزن , مع أهمية التوجيه الإيجابي والترغيب المشجع. ولعل أحد أهم الأمور التي يجب ألا تغيب عن الوزارة أيضا ضرورة تهيئة بيئة مدرسية جاذبة ومحببة في كل المدارس يجد فيها الطلاب بغيتهم ليصرفوا من خلالها طاقاتهم بما يتوفر فيها من ملاعب ومرافق ونشاطات متنوعة تحت إشراف تربوي نابه . فغيابها قد يؤدي بالأبناء إلى مثل هذه النتائج المؤلمة.