لم يُعجبني دفاع رئيس التحرير عن صحيفته التي قام بتطويرها نحو الأفضل لتستعيد بريقها القديم، فقد أبلغ أحد زملائه أن جريدته تطورت، وأن على القارئ الذي يشتريها أن يستعيد ثمنها إذا لم تعجبه، ورأيت في ذلك (مع تقديري الشخصي لرئيس التحرير) أن ذلك يدفع الصحافة إلى سوق البطيخ فيصبح لدينا (صحافة على السكين) كما كان لدينا وما زال: (بطيخ على السكين) فحين يشك الزبون في البطيخة التي يريد أن يشتريها: هل هي حمراء أم بيضاء، يطلب من البائع فتحها بالسكين، ويستجيب البائع لهذا الطلب فوراً، وقد تحدث مشكلة بعد ذلك حين يتذوق الزبون البطيخة فتجد أن طعمها غير حلو، فيقرر عدم الشراء لكن البائع يصر على أن يدفع الزبون الثمن لان الاتفاق كان على اللون، وليس على الطعم. وقد تتطور الأمور بين البائع، والزبون بسبب هذا الطعم غير المستساغ لهذه البطيخة أو تلك دون أن تستخدم السكين في إنهاء المشكلة، لأن استخدامها من قبل البائع الغاضب سيجعل الأمر ينتهي بمأساة. وبائع الجرائد لن يقبل ان يُعيد إليك ما دفعته من ثمن، سواء كان طعم الجريدة مستساغاً، أو غير مستساغ، فهذه ليست مسؤوليته إنما مسؤولية رئيس التحرير.. ورئيس التحرير الذي أعلن استعداده التام لإعادة ثمن الجريدة للقارئ – إذا لم تعجبه – لا يقصد ذلك على وجه التحديد إنما يُريد الإشارة للتطوير الذي تمر به الجريدة، ولابد أن يُسفر ذلك عن عودة ثقة القارئ بهذه المطبوعة، وإلا ضاعت جهود التطوير. وقد كثر البطيخ في زمننا كما كثر رؤساء التحرير، (كان للبطيخ مواسم فصار يظهر في كل المواسم، وكان لرؤساء التحرير مواسم فصاروا يخرجون في كل المواسم، ولهذا لم يعد لكثير من البطيخ طعم، ولم يعد لكثير من رؤساء التحرير قيمة بسبب هذا البطيخ الذي يحملونه في ايديهم، وفوق رؤوسهم التي أصبحت نوعاً من البطيخ)..! وفي أحسن الأحوال عنواناً رئيسياً للبطيخ نفسه..؟ ولابد – في هذا المقام – أن أعترف بأن زميلي – رئيس التحرير لم يتذمّر، أو يستاء، أو يغضب من (التشبيه البطيخي) الذي ورد في مقالي لأنه صحفي، وأي صحفي يدرك – متى ما نضج – أن المطبوعة الصحفية سواء كانت جريدة، أو مجلة عبارة عن (بطيخة) يكتشف حقيقتها القارئ الواعي بعد فترة من المداومة على قراءتها، وهذا هو أسوأ ما في العمل الصحفي، وليس أحسنه..؟ ومع ذلك، ورغم ذلك لا يجوز أن تصبح الصحف كما البطيخ، كما لا يصح، ولا يجوز أن يكون رؤساء التحرير عُرضة لهذا التشبيه..!