الواقع أن تقويم الأداء للموظفين والإدارات يتجاوز كونه استمارة تستكمل في نهاية العام - كيفا اتفق - لتنتهي عند هذا الحد . فذلك عمل لا قيمة له أصلا ويعد عملا تافها ما لم يلامس الأهداف المطلوبة ، باعتباره من مقتضيات العمل الإداري والفني للوقوف عند مكامن القوة ومواطن الضعف . وهنا ينبغي أن يدرك كل موظف أهمية التقارير وقيمتها بالنسبة له أو للإدارة التي يعمل بها .. الأمر الذي يحتم على من يضع درجات التقدير أن تكون لديه معيارية دقيقة جداً وليس مجرد رقم يسجل أو خانة تعبأ كما يحصل عند الكثيرين . فالدرجة أو التقدير ليستا الهدف المنشود ، فذلك لا معنى له . إنما الهدف الأساسي هو الارتقاء بمستوى الموظف مما ينعكس على تطوير العمل عموما. حيث يتطلب أن يعرف كل موظف عناصر القوة ليستمر عليها ومعرفة نقاط الضعف لتلافيها في قادم الأيام . فكل شخص لديه الإمكانية أن يصحح أخطاءه ويعدل مساره ويحسن عمله إن كان وراءه مدير حاذق وبيئة عمل جيدة . إذ تتشكل عنده الدافعية ويتحرك لديه الإحساس ويعرف دوره دون استصغار لوظيفته مهما كانت . لكن الملاحظ أن بعض الموظفين لا يطلعون على التقارير المعدة عنهم وهذا يكشف سوء الإدارة ، فلا قيمة لهذا التقرير أو التقويم إذا لم يعرف الموظف ما كل ما سجل عنه. فسياسة بعض المديرين اتباع السرية التامة ، وكأنه لا يجوز الاطلاع عليها . وهذا خلل واضح يجب معالجته ممن هم أعلى مسؤولية . كما أن هناك من تتحكم فيه العاطفة فيعد التقويم بالهوى والمزاج ، فتكون الدرجات حسب العلاقات وبهذا يكسب المقربون - وربما دون استحقاق - مع هضم حقوق آخرين رغم جديتهم وإنتاجيتهم وهذه مشكلة أخلاقية وإدارية ! والطريف أن بعض معدي التقارير يشتكون لرؤسائهم من بعض الموظفين الذين يصفونهم بالإهمال واللامبالاة والتسيب وكثرة الغياب ... فإذا جاءت التقارير حملت الامتياز لأولئك الأشخاص ! والأكثر طرافة أن بعض مديري إدارات أو أقسام أو مدارس يعطون جميع موظفيهم درجة 100% وكأنهم يتفضلون بها كرما منهم ، وبعضهم يبرر بأن ذلك لخدمتهم عند الترقيات والنقل ونحو ذلك ، دون أن يعلموا أنهم يضيعون الأمانة ويسيئون لأنفسهم ، ويضرون العاملين معهم الذين يتقبلون الدرجة المعطاة لهم بحق على ضوء عملهم وجهودهم دون زيادة تدعو للاستخفاف أو بخس يثير الغبن . وبهذا تتشكل الدافعية لتطوير الذات وتحسين العمل ، عندما يشعر الموظفون أن لتلك التقارير قيمة ومعنى ، لكنهم لن يعيروها اهتماما إذا علموا أنها ستحفظ في الملفات مع ما سبق دون مناقشة أو اهتمام !! والسؤال الذي يطرح نفسه كم مدير ناقش موظفيه عند كل خانة كتبت في التقويم ليحقق مفهومه وأبعاده ؟ وهل تشكلت لجان في الإدارات العامة لدراسة التقارير دراسة شاملة لمعرفة الوضع العام ومعرفة نقاط القوة والضعف ورسم الخطط ووضع البرامج بما يساهم في التطوير ؟ أم أنها ستظل شكلية لا تقدم ولا تؤخر ولا تستحق الوقوف عندها كما يحدث في كثير من الإدارات.