1 يقول الشاعر الشعبي : ( أسبوع غايب مايهمّك ودادي ... يعني كذا عندك غيابي ولا شيء ) ... ( إذا تشوف إن الجفا شيء عادي .. أنا الجفا عندي ذبحني وأنا حيّ ) ! . 2 قررت عدة إدارات تعليمية مؤخرا تنفيذ ما قيل إنه حلٌ ل (الأسبوع الميت)أي الأسبوع الدراسي الأخير من كل فترة دراسية , حيث اعتاد الطلاب أن يغيبوا فيه عن مدارسهم .. حسن إذن .. ولكن ما هو الحل ؟ .. الواقع أن الحل لم يكن سوى تحويل الأسبوع الميت إلى أسبوع يحتوي على بعض الأنشطة , والمهم أن يكون أسبوع اختبارات - في كل يوم مادة اختبار ! . 3 وللأمانة فان هذا الحل – لو اعتبرناه حلاً - لم يكن من بنات تلك الإدارات , وإنما كان رؤية لعدد من مديري المدارس شهدته أيام كنا بالتعليم , حيث كان يصلح لتلك الفترة من الزمن , وقد تم طرحه عبر مكتب التعليم , ولكن أحداً لم يكن يأبه به حينها , فضلاً عن أن يأخذ به , ولذلك ظل الطلاب والطالبات يغيبون في الأسبوع الأخير المسمى بالميت بشكل واضح. 4 وأتذكر أن إدارات التعليم كانت تطالب المدارس ببرامج جاذبة للطلاب , تحببهم في المدرسة وترغبهم في الانتظام بها , وكانت المدارس تحاول بكل الجهد لكن الطلاب لم يكونوا يستجيبون , والمحصلة أن الغياب ظل سيد الموقف , حيث الطلاب يأخذون إجازة ب (الذراع)!. 5 وبحسب متابعاتي فلم أعرف حتى اللحظة أن أحداً عكف على (دراسة جادة) تبحث عن السبب الحقيقي وراء الغياب الجماعي للطلاب في الأسبوع الأخير .ولذلك لم يتم فهم ومعالجة تلك المسألة التي ظلت الآراء أمامها متباينة , فهناك في الواقع من يقف في صف الطلاب , ويقول أن معهم الحق في الغياب نظراً لعدم جاذبية أجواء المدرسة , ولأن الأيام الأخيرة تكون مملّة في عين الطالب والمعلم معاً , وأن من المناسب حينها – كحل - أن يتم انقاص الدوام المدرسي إلى النصف مثلاً ( حصتان دراسيتان ثم فسحة وانصراف ) . 6 إن الذي أعرفه ويعرفه غيري أن طلابنا وطالباتنا غير مرتاحين كثيراً للمناخ المدرسي بصورته الحالية , فالحصص متلاحقة وراء بعضها , والمنهج الدراسي مكدس بمعارف (ولا قول مهارات) لا يحتاجون نصفها , والواحد منهم يحمل حقيبة ربما أكثر من وزنه , والفناء المدرسي في الفسحة صخب هائل , فأين المدرسة التي بها مزرعة صغيرة , مسبح , حجرات خاصة للتربية الفنية , حديقة دواجن أو حيوان مصغرة , وقاعات رياضية للألعاب المختلفة , ملعب كرة مزروع , فناء مكيف ومبهج؟ .. أنا رأيت مدارس حوشها صندقة تفوح بالحرارة والرطوبة - أرضيته صبّة مسلحة , ورأيت مدارس ليس بفنائها بلاط , وثمة دورات مياه كريهة , ومقاصف غذاء عجيبة , وحجرات درس ضيقة ومكدسة بالبشر . 7 اللافت أننا نلف وندور في حلقة مفرغة من دون أية محاولة للخروج من هذه الحلقة , نعم لدينا حالياً محاولات وعناصر جيدة في الميدان لكنها ليست كثيرة , ولا هي طموحنا .. ولذا يجب أن نعترف أننا لم نقدم بيئة مدرسية جاذبة لطلابنا حتى الآن , تجعلهم يحبونها أكثر من بيوتهم .. مدرسة تضم معلمين يقدمون خدمة نوعية قياسية , وإدارة مدرسة على درجة كبيرة من التأهيل الأكاديمي والمهني,ويوم مدرسي بهيج. 8 لنكن صرحاء .. بعض المعلمين والمعلمات والإدارات يتمنون أن يغيب الطلاب في الأسبوع الميت ل (يرتاحوا) من تلاحق الحصص فوق أدمغتهم , وكأني بحال أحدهم كحال ذلك الشاعر الشعبي الذي قال ذات مرة :"يا رفيقي غيب لو ودك تغيب .. لا تشاورني وكنّي ما دريت". 9 لابد حقيقة .. من حل توافقي ل (الأسبوع الميت) يرضى الطلاب , يقنعهم , ويجعلهم هم أصحاب القرار , لا أن نفرض عليهم قراراتنا وحلولنا فرضاً وقسراً .. أسالوا طلابنا ماذا يريدون , ما الذي ينقصهم .. اعطوهم حقوقهم أولاً , ثم طبقوا عليهم الواجبات .. كلمة السرّ في كل ما تقدم أعلاه : الدنيا هكذا شيء لك,وشيء عليك.