العمل بمبادئ القيم والأخلاق، وأسس العدالة ومبادئ الأمن والسلام والرخاء، هي مطالب الإنسان في جميع العصور، وهذه الأمور يعرفها الصغير قبل الكبير، كما يفهمها الرجل السياسي الخبير، وقد تضمنتها كتب السياسة الشرعية والقوانين الدولية، وطالب بها المخلصون في علانية وتناقلتها الوسائل الإعلامية فلم تعد نصوصها مجهولة، إلا أنها أصبحت مجرد نصوص لا قيمة لها في أنظمة الدول العظمى فلا تظهر في اجندتها إلا حينما تخدم مصالحها الذاتية، فتتسارع للاجتماعات والمؤتمرات والقرارات والاستناد إلى تلك النصوص فتقرأ كلماتها وعباراتها بدقة، وتتسابق تلك الأنظمة في تفسير بنودها بجراءة وثقة، فمتى كان الأمر يخدم مصالح الدول العظمى تمسكت بتلك النصوص والقوانين. والغريب والمدهش في الأمر ومبعث التساؤل الكبير هو هذا الصمت المطبق الغريب والمريب كصمت القبور، على ما يجري من مأساة إنسانية على الأراضي السورية. وهو سؤال كبير تكتبه صرخات المستغيثين المفجوعين والثكالى في سوريا وتشكله دماء الأبرياء في كل شبر على أرض سوريا. وتلونه ملايين اللاجئين الهاربين من نيران بشار الباحثين عن طوق نجاة. فقتل أكثر من مائة ألف إنسان وتدمير بلد وتشريد أهله من أجل بقاء بشار على سدة الحكم هو أمر مؤلم ومحزن ومبكي، وهذا لا يعني غياب الضمير العالمي عن ذلك كله بل يعني موت الضمير، فهل عجزت دول العالم فعلاً عن اتخاذ قرار أو العمل وفق طريقة معنية لحماية هؤلاء الأبرياء وحفظ ما تبقى من مقومات الحياة لهم. تراجعوا لمعالجة السلاح الكيماوي وتدميره وتناسوا القتل والتشريد والتدمير. شخصياً لا أتمنى أن تقوم حرب من خارج الحدود السورية على نظام بشار، فذلك يعني تخريب وتدمير لسوريا البلد والإنسان الشريف. فالرصاصة الخارجية لا تفرق بين صديق وعدو. لكن العالم كان قادرا على محاصرة تصاعد مأساة الشعب السوري وقطع كل سبيل يؤدي إلى استمرارها. ودعم المعارضة الجادة بشتى الطرق التي تساعدها على الوقوف والنهوض في وجه الطاغية، ولعل ما قامت به حكومة خادم الحرمين الشريفين من دعم ومساندة مالية وعينية للأشقاء في سوريا بل مطالبتها للعالم بتسليح المعارضة منذ البداية ، وهذه التوجهات هو مثال يحتذى به كان على جميع الدول الإسلامية أن تدعم هذه الخطوة التي تستهدف حماية الشعب السوري. من الثابت أنه لو تم ذلك الأمر لما طالت جرائم هذا النظام وتمادى في صب هذا العذاب على الشعب السوري. ويبدو الأمر الآن معقدا أكثر فأصبحت المعارضة تواجه مشاكل داخلية تضعف من مقاومتها. وتستدعي إعادة ترتيب أوراقها وتناسي خلافاتها وتوحيد صفوفها لانهاء المأساة وانقاذ ما يمكن انقاذه من بلاد الشام. وارجو أن يتم ذلك سريعا حتى يتم تحجيم هذا النظام.اللهم إنا نسألك أن تسلط عذابك على الطغاة الظالمين وإن ترينا فيهم عجائب قدرتك. ص.ب 11174 جدة 21453 فاكس : 6534238 [email protected]