بزاوية غرفته التي يملأها الغبار والكتب المتناثرة هنا وهناك يرتشف فنجان قهوته وسيجارته بيده .. ازدحمت نبضات قلبه بالأنين والوجع والحنين بعد أن استرجع نسيج ذكرياته وكيف عبر البحور والشطأن بخياله وانفجر شوقه كالبركان في مهجته وسطر قصته بلا نهاية أو عنوان..كان ينتظر كل مساء القمر يهل عليه من خلف شاشته السوداء ليسمع تغريد صوتها بأحلى الكلمات.وبوح صدرها المتأجج بأجمل العبارات كأن ليلى تناجي قيس عاش حلماً بديعاً يملكه الأمل والوهم..لم يستطع البوح به لأحد فاحتفظ بسره الدفين بين حروفه وكلماته وذكرياته...وافترش من رسمها الخيالي كل صور الحياة ..وأبدع بعمل تمثال لأنثى من خلف الشاشات..ملاك تحرسها العين..ومن شاشتها ينتظر الرد فكانت تكتب حروفها باستحياء ..وعندما يقرأها كانت السماء تصمت وأكف الاشواق تصفق ونبضات الحب تتفوه بها الشفاه وقلبه يرقص ويزغرد طرباً وابتهاجاً .فقد حانت ساعة اللقاء بمن أحبها قلبه وهوتها نفسه وأشعلت في فؤاده جمرات النار بعذوبتها وأناقتها اللفظية وكلماتها التي تعبر اليه دون استئذان ..فقد كانت تطفئ لهيب قلبه وتنسج له من الأحلام عشقاً كان زادهم كل مساء. هام بحبها وتجرع الم لحظات غيابها فقرر أن يبدأ هذيان اشتياقه في ذلك اليوم الذي ظنه أنه سيكون عيداً مباركاً يتوج حبهما ..ولم يظن أنه سيكون كئيبا وقاتما تتخلله الغيوم السوداءالتي أنذرت بالرحيل. وبدأ يسرد كلماته على شاشته التي باتت ملاذه في كل الاوقات..اعذريني يا ملاكي لن أستطيع احتمال المزيد من الاشواق واكمال المسيرة من خلف الشاشات وعبر الأثير والكلمات ..اريدك زوجة بالحلال لأنني مللت الانتظار ولحظات البعاد لدرجة الاختناق...اريدك بقربي زوجة تمنحني الدفء والحنان..قمر يسطع بنوره على منتجات قلبي..جنوناً أعيشه معك بسعادة وهناء..أضمك بين ذراعي وأشعر بخفقان قلبك يتثرب لي همساً يروي بالنبضات قصة حبنا لكل العشاق ويمدني بأكسير الحياة.. فأنت مليكتي ولن أسمح للمسافات أن تفرق بيننا سأطوي الصعاب وأتحدى المستحيل وأقنع الأهل والأصحاب ليباركون زواجنا أقسم يا أميرتي انني بك خلقت من جديد فرفقاً بي ما دمت بين يديك..وصورتك المجهولة لي تتحرك أمامي كلوحة ممزوجة بقوس قزح تتمايل فيها الألوان وتغرد بصفاء.فقد ابدع من صنعها وتاه بين ثنايا عشقها.خذيني بين أحضانك لأتنسم من خلايا روحك الورد والمرجان التي تلامس روحي وتناجي قلبي بمودة وهناء..الان اريد أن أقرأ بين سطورك الموافقة على اللقاء لنجمع شملنا ونرتشف من رحيق حبنا أجمل الساعات...فساد الصمت للحظات وتاه الحلم بين الكلمات وانشرخ حبل الوداد وأعلنت حروفها التمرد عن اللقاء..وكان الصمت مؤلماً والرد موجعاً.فقد كتبت بحروف متقطعة مع كل حرف دمعة ولوعة واسف وندم لأنها حطمت قلبه رغم معارضتها لهذا الحب منذ الأذل وتمنعت كثيراعنه ورفضته أكثر ولكن اصراره عليها وأدمانه لها ضعفت عواطفها أمامه وخفق قلبها له دون ارادة منهاوباحت له بحبها وهي مترددة لكن شفتاها سبقتها بالاعتراف ..والان حانت ساعةالمواجهة وعليها أن ترد عليه بالموافقة..لكن جوابها كان الرفض وعدم القبول..وبدأت تسرد قصة رفضها. أيها الحبيب دونك سأشعر بالبرد وسأغرق في بحر الحزن والهم وسيتوه حلمي بين الأوراق والسطور وسيكون القبر مسكني ويشيخ قلبي وهو بعمر الورد وسيبقى رسمك مزار أزوره صباحا ومساء..فقد بنيت معك قصوراً من الأحلام ومدناً من التمني وعشت كعصفور يغرد باسمك في أعالي السماء حتى لا يبعدك البشر عني وكنت الضيف الوحيدفي أحلامي معك يحلو السهر ويتلاشى الملل وتسرع نبضات الزمن بالتمني..لكن طريقي وعر وملئ بالأشواك والحفر...بيني وبينك مسافات لن يقربها الزمن وخلفها ضباب دون مطر..اقسم انني أحببتك بكل كياني وكنت لي أعز أمل تمنيت أن أقضي عمري وأنا بجانبه لا يفارقني أبداً حتى يقضي الله أمرا مفعولا..ولكن مصيبتي تفوق أحلامي وما بي هو رحمة من ربي وتغفير لذنوب..فلن أحملك همي.. ولا أريد منك شفقة ..أو دمعة حزن من عيونك أو مواساة من قلبك لأنني فتاة صابرة وقوية على المحن واؤمن بالقضاء والقدر..فقط سأخبرك بحقيقتي لتعذرني بالبعادعنك ايها الحبيب القريب البعيد. أكلمك الان وأنا على كرسي المتحرك يدور ويلف بي حيثما يشاء وحاسوبي بين أحضاني أكتب عليه أجمل الكلمات ا لتي تغزي روحي وذاتي وحروفي هي سحر حياتي فكيف أرضى لك وأنت الحبيب الأوحد في القلب أن تعيش مع فتاة على كرسي مدولب وقد حكم عليها القدربالشلل و بالحب والعشق من وراء شاشة عنكبوتية لا تغني عن جوع ولا تسد من رمق...فسامحني ان كسرت قلبك وتمتمت بحروف ليست من حقي وسلبت منك حنانا كان لغيري وسببت لك الماً كان يشتعل بصدري فدمرني ودمرك رغم انني كنت أعيش على أمل رؤيتك ولو من بعيد ليهدأ قلبي ويستريح..وأمام اعترافي هذا ستكتب نهاية لقصتك وتسميها الرحيل. وساد صمت رهيب ..وكم تمنى أن يكتب لها الجواب لكن أنامله رفضت ولم تطاوعه على الرد سوى بالحلم ليقول لها : لالالاتكملي قصتك لان عطر اشتياقك يرافقني ولهيب أنفاسك يحرقني وخيالك هو مملكتي ونبض قلبك شريان يغذي قلبي ..انتظريني فأنا على الموعد قادم لن يفرقنا كرسي بعجلات أو ما يسمى قدمان ..المهم روحك تمنحني الطاقة والامان .وحنيني اليك يفوق كل الاعاقات.ما فائدة قدمان عند امراة تكون بقربي وروحها ميتة بجانبي وتمشي وفي مشيتها كل الظلام وتنثر ورودها على قلبي وهي بلا عطور أو حنان..فقط عندك وحدك وجدت راحتي وعشق قلبي ..لكنه للاسف لم ينطق بهذه الكلمات .فقط استعاد مفاتيح قلبه وقرر العودة عن الحب ويعيش بكنف الذكريات. سحر الصيدلي