لاحت في الأفق بوادر خلاف حاد بين قادة الائتلاف الحاكم في ألمانيا في كيفية التعامل مع قضية المهاجرين القادمين من دول أوروبا الشرقية، خاصة رومانيا وبلغاريا.وقال أعضاء في الائتلاف، الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، إن ألمانيا بحاجة إلى تدابير إضافية للحد من ظاهرة "سياحة المنافع" التي انتشرت في الاتحاد الأوروبي.ويأتي ذلك في الوقت الذي حذر فيه وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، الذي ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، من أن التشكيك في حرية الحركة "أمر يضر القيم الأوروبية".ويحق للعمال القادمين من رومانيا وبلغاريا الحصول على عمل في أي دولة من دول الاتحاد.وكانت رومانيا وبلغاريا، أفقر دول الاتحاد الأوروبي، تخضعان لقيود مؤقتة على سوق العمل منذ انضمامها إلى الاتحاد عام 2007. وأبقت تسع دول من دول الاتحاد، هي ألمانيا والنمسا وبلجيكا وفرنسا ولوكسمبورغ ومالطا وهولندا وبريطانيا وإسبانيا، على قيودها سارية بشكل كامل منذ ذلك الحين حتى بداية يناير/ كانون الثاني الحالي.وسادت بريطانيا حالة من القلق من جرّاء تداعيات هجرة العمال الجدد من دول الاتحاد الأوروبي على نظام الرعاية الاجتماعية. وتجاوز تدفق المهاجرين من دول أوروبا الشرقية، عقب توسع الاتحاد الأوربي عام 2007، توقعات المسؤولين في بريطانيا.وشكّل الحزب الديمقراطي المسيحي، الذي تتزعمه أنغيلا ميركل، وحليفه الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري، حكومة ائتلافية مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي منتصف ديسمبر/ كانون الأول من العام المنصرم.وكان الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري قد أصدر بيانا في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي طالب خلاله بوضع تدابير إضافية للحد من ظاهرة "الهجرة بدافع الفقر".وأضاف البيان: "علينا نحن في ألمانيا أن نضع التدابير المناسبة لحماية نظام الرعاية الاجتماعية ضد تلك الانتهاكات." وتابع أن هذا النوع من "الهجرة الضارة" يمثل تهديدا للقبول بحرية الحركة في أوروبا، ويستهدف نظام الرعاية الاجتماعية في دول الاتحاد. ويطالب الاتحاد الاجتماعي المسيحي بفرض حظر على عودة المهاجرين الذين ثَبُت تحايلهم على نظام الرعاية الاجتماعي، وتشديد القيود لمنع المهاجرين من استغلال هذا النظام خلال فترة الثلاثة أشهر الأولى من إقامتهم.في المقابل، انتقد وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، في حوار له بصحيفة "سودويتشه تسايتونغ" اليومية، بيان الاتحاد الاجتماعي. وقال شتاينماير إن "الحريات في أوروبا هي محور الارتكاز الذي قام عليه الاتحاد"، واصفا حرية الحركة للعمال بأنها "جوهر التكامل بين دوله"، وأن بلاده "انتفعت أكثر من غيرها من هذا التكامل".وأشار شتاينماير إلى أن "مجيء الباحثين عن العمل من دول أوروبا الشرقية يعد عاملا مساعدا لنا ولدولهم". وقال وزير الدولة الألماني، مايكل روث، الذي ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن "الاتحاد المسيحي لم يفهم أوروبا بعد". واتهم روث المسؤولين في حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي بتضليل الرأي العام من خلال "الشعارات الحمقاء والبالية"، على حد وصفه. وأضاف أن "الائتلاف الحكومي الواسع في ألمانيا لم يقم على مثل هذا المستوى من العمل".