اختتمت فعاليات ملتقى التراث العمراني الوطني الثالث في منطقة المدينةالمنورة الذي انطلقت أعماله 5 صفر 1435 واستمرت لمدة خمسة أيام وذلك برعاية الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، وبحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار ، ومشاركة (100) باحث ومسؤول ومختص في مجال التراث العمراني من داخل المملكة وخارجها . وكان الملتقى ناقش في دورته الثالثة والذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار بمشاركة إمارة المدينةالمنورة، وأمانة المدينةالمنورة، وهيئة تطوير المدينةالمنورة، وجامعة طيبة، ناقش سلسلة من قضايا التراث العمراني من خلال (36) بحثاً علمياً خلال الجلسات العلمية وورش العمل والدورات المتخصصة، حيث تضمنت المحاور الرئيسة للملتقى القضايا الراهنة للتراث العمراني في المملكة العربية السعودية بشكل عام ومنطقة المدينةالمنورة بشكل خاص، وأبرز مواقع التراث العمراني في المدينةالمنورة، والقيمة الثقافية والجمالية للتراث العمراني في المملكة عموماً والمدينةالمنورة خصوصاً، وقصص لبعض مواقع التراث العمراني في المملكة، ودور التراث العمراني في بناء الهوية الوطنية، ودور البلديات في المحافظة على التراث العمراني ووسائل تنميته . ومن ضمن الابحاث التي طرحها الملتقى بحثا بعنوان " دور الوثائق العربية في احياء التراث العمراني – المواقع التاريخية بمنطقة المدينةالمنورة والمسارات السياحية ) قدمته الدكتورة جيهان أحمد عمران الأستاذ المساعد بقسم المكتبات والوثائق وتقنية المعلومات بجامعة القاهرة والدكتورة ناهد أحمد عمران استاذ الهندسة المعمارية وتخطيط المدن الاكاديمية الحديثة ، تناول ما تحويه الوثائق دائما في خدمة الآثار والتراث العمراني من ذخائر وكنوز ممثلة في شواهد وحقائق تاريخية وأثرية مهمة عن عمائر دينية ومدنية مازال منها قائما إلى الآن ومنها ما تعرض جله أو كله للفناء والاندثار واعتمدت الباحثة في دراستها على بعض الوثائق التي ترجع للعصر العثماني خلال النصف الثاني من ق12 ه على محورين أولهما محاولة إحياء وصف معماري لمنشآت مدنية مندثرة للأمير على بك الكبير لمدينة طنطا من أجل بيان الوصف التفصيلي المعماري التي كانت علية تلك المنشآت من واقع نص الوثائق ، والمحور الثاني ألقت الباحثتان الضوء على عملية كشف معاينة أثر معماري قائم إلى الان و هو سور مجرى العيون من أجل الوقوف على المراحل التنفيذية لإعداد عملية الكشف والمعاينة لترميم منشآت معمارية حيوية خلال هذه الفترة التاريخية ، وتوصلت الباحثتان إلى عدد من التوصيات أهمها الاهتمام القومي والتوعية الوطنية في الحفاظ على الوثائق العربية باعتبارها مصدراً يعتمد عليها الباحث في دراسة الاثار والمباني التاريخية ورصد مراحل تطورها العمراني على مر الفترات التاريخية ، وتوجيه اهتمام مراكز البحوث والدراسات الاثرية والحضارية بنشر الوثائق العربية التي تلقي الضوء على التراث العمراني للمدن التاريخية و إتاحتها للباحثين والمتخصصين وتفعيل دور المراكز الثقافية للمواطن مما يكون له تأثير إيجابي في المحافظة على التراث القائم وإعادة إحياء المندثر منها , بالإضافة الى دعم الدراسات البينية مثل الوثائق والاثار والجغرافيا والتاريخ من خلال تكوين فرق عمل بحثية للحفاظ على بنية وهوية التراث العمراني , والتوثيق المستمر باستخدام وسائل التكنلوجيا الحديثة للمباني الاثرية لحفظ الوثائق من الضياع مع الاحتفاظ بشكل المباني الحديثة من مستندات ورسومات إذ أنها تمثل تراث الأجيال القادمة . فيما قدم الدكتور محمد البلقاسي استاذ العمارة المساعد في جامعة أم القرى والدكتور أحمد يحيى راشد استاذ ورئيس قسم العمارة بالجامعة البريطانية في مصر والمهندسة سماح محمد حسن بحثاً بعنوان : تراث المدينةالمنورة بين الاستثمار وإعادة التوظيف ( دراسة تحليلية لمشروع توظيف محطة قطار الحجاز ) . ذكروا فيه أن الدولة العثمانية أهتمت بالمدينةالمنورة وبعمارة المسجد النبوي الشريف وكان من ضمن المشروعات الكبرى التي قامت بها لتسهيل الحج والعمرة والزيارة وخاصةً سكان البلدان الواقعة شمال الدولة العثمانية (الشام وتركيا ) مشروع سكة الحديد الحجاز الذي أختصر الرحلة وكان افتتاحه من أهم الأحداث في ذلك العصر بالدولة العثمانية ولكن لم يستمر هذا الخط مدة طويلة إذ أن بعد الحرب العالمية الأولى ضرب الخط وقطع ولكن استمرت منشآته شاهدة عليه , وأضافوا أن الدولة السعودية أهتمت بالمدينةالمنورة وقامت بتوسعة المسجد النبوي وكذلك بالتراث العمراني بالمدينة الذي يعد شاهداً على تاريخها والتطورات العمرانية للمملكة .وكان من ضمن المشروعات التي اهتمت بتراث المدينة مشروع الترميم وإعادة توظيف سكة الحجاز بالعمبرية . وتوصل الباحثون الى نتائج من أهمها عودة العمل بالوظيفة الجديدة لمبنى سكة حديد الحجاز , تنظيم رحلات لطلاب المدارس لزيارة المبنى لزيادة الوعي التراثي لديهم , إعداد دراسة اقتصادية لمشروع إعادة توظيف المحطة لتقييم العائد الاقتصادي للمشروع ومحاولة استثماره وتقييم العائد المادي منه . كما قدم الدكتور احمد حسين أبو الهيجاء من إدارة الدراسات والتصاميم بجامعة طيبة ورقة بعنوان (آليات التخطيط في حماية التراث العمراني – دراسة لتجربة إيطالية ومدى تطبيقاتها على واقع المدينةالمنورة ) وذكر من خلالها أن منطقة المدينةالمنورة لاتزال تحتاج إلى مخطط تنظيمي شامل يمكن أن يتحقق من خلال مستويات اساسية مختلفة في آليات الحفاظ ومنها المستوى التشريعي وذلك بإصدار قانون مستحدث للآثار والمواقع وربط أنظمته وأحكامه بالمخططات الحضرية والتشريعات الخاصة بالمراكز التاريخية ,ومستوى تخطيطي وذلك بإعداد مخطط إقليمي متكامل ومخططات توجيهية بمقياس رسم اكثر تفصيلا ً لحماية المناطق التراثية , والمستوى التنظيمي بتحديد مهام الأمانات والبلديات والهيئات المعنية بحماية التراث العمراني ومسؤولياتها القانونية والتمويلية , والمستوى التقني والمالي بتحديد منهجية لحماية المباني التاريخية المدعمة بميزانيات اللازم توفيرها بصندوق خاص للمشاريع التراثية.وطالب الباحث بضرورة تأسيس وحدات تراث عمراني متخصصة داخل الوكالات المعنية في الامانات والبلديات إذ يمكن أن تطرح المشاريع العمرانية وتصادق عليها , وأوصى أيضا بدعم الهيئات المختصة كالهيئة العامة للسياحة والاثار التي تقوم - حسب قوله - بدور جوهري في رسم الخطط والاستراتيجيات الرامية إلى حماية التراث العمراني بدفع عجلت التنمية السياحية . وقدم الدكتور أحمد المنشاوي المدرس بقسم الهندسة المعمارية من كلية الهندسة بجامعة الزقازيق ورقة بعنوان (شراكة القطاع الخاص في مشروعات الحفاظ العمراني ) أقترح من خلالها تصميم آليات لتنظيم العلاقات التبادلية في القطاع الخاص وباقي الأطراف المشاركة في مشروعات الحفاظ العمراني بالمناطق ذات القيمة مما يسمح بالاستفادة من الموارد والكوادر المتاحة للقطاع الخاص ويؤدي إلى تحقيق مبدأ الاستدامة في عملية الحفاظ العمراني . وأوصى الباحث بضرورة إنشاء هيئة أو جهة تتولى عملية الحفاظ على المناطق ذات القيمة ويكون للقطاع الخاص ممثلين في هذة الهيئة وليس الوزارات المعنية فقط.