خرجت يوم الأربعاء 22-1-1432ه عند الساعة العاشرة، أقصد مكاناً ألتقي فيه بعض الإخوة الأصدقاء كعادتنا كل أربعاء، نشتغل فيه باعداد ذكريات عاشق لجدة الماضي مكاناً وسكاناً وحضارة وثقافة، وما لبثت إلا قليلاً حتى بدأت الأمطار تهطل، فتوقعت أن تزداد وصورة ما مرّ بجدة من قبل في كارثتها الأولى لا يزال ذهني يستعرضها، فعدت أدراجي فسلكت طريق الحرمين لاعود الى مسكني في السليمانية قرب الجامعة، ولكن المطر يومها جعل السير في اي اتجاه مستحيلا، فلجأت بعد اكثر من ساعة ونصف الى احد الشوارع المطلة على حي النسيم، ولكن السيول تداهم جدة، وما وصل الى الموقع الذي اسير فيه منها جرفني بسيارتي حتى ادخلني الى هذا الشارع. هناك توقفت السيارة، ودخلت إليها المياه من كل جانب مما جعلني أغادرها لاجد نفسي وسط نهر متدفق في هذا الشارع، يساعدني سائقي لنعبره الى جانب الآخر منه، لنأوي إلى إحدى صالات بيع السيارات مع آخرين، ننتظر أن يكف هطول المطر، لنبحث عن طريق نصل عبره إلى بيوتنا، واستمر هذا الحال ست ساعات كاملة، والمياه تحيطنا من كل جانب واصدقكم القول لم نر أحداً ممن أوكل إليه الانقاذ، ولما بلغ بي التعب أقصى مداه ومن في مثل سني يحدث له هذا التعب بأقل من هذه المعاناة. تطوع بعض الشباب ممن ظهروا في جميع انحاء جدة منذ لاحت مظاهر الكارثة، يمدون اليد لمن يحتاج المساعدة، والذين سيظلون نجوماً، يقدر لهم السكان جهدهم المميز، فساعدوني حتى انتقلت الى الجانب الآخر لاصل احد منازل أقربائي، لامكث فيه الليل كله لأعود الى منزلي مع ساعات الفجر الأولى، ولا أزال حتى اليوم أصلح سيارتي، والتي لم يمض عليها إلا شهور قليلة منذ اشتريتها، ولا أزال اتذكر ما امضيت فيه ليلتي تلك مع شدة تعبي في الراحة والاتصال بأقارب هنا وهناك لاطمئن على أوضاعهم، وهذا حالنا في جدة في عامينا الأخيرين، تفرض علينا الأمطار عبر الاحداث أن نبقى في البيوت بمجرد أن نرى قطعاً من السحاب تنتشر في سمائنا، وأما هطول الأمطار فيعطل الحياة في مدينتنا، الذي قد يستمر أياماً، ولا منجاة لنا في هذا الوضع إلا أن تكتمل بنية مدينتنا الأساسية وبأسرع وقت ممكن، فهل يحدث هذا هو ما نرجوه والله ولي التوفيق. ص.ب: 35485 جدة: 21488 فاكس: 6407043