بدأ رؤساء مجالس الشورى والبرلمانات في الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي في العاصمة التركية اسطنبول أمس الأول أعمال اجتماعهم الاستثنائي البرلماني الطارئ للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني في الدول الأعضاء ويستضيفه البرلمان التركي وذلك لبحث موقف إسلامي موحد تجاه الانتهاكات والاعتداءات التي يمارسها العدوان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية ، وما يشهده الوضع في المنطقة من تطورات وأحداث . ويرأس وفد المملكة العربية السعودية فيه معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد. واستهلت أعمال الاجتماع , الذي يعد أكبر تجمع برلماني يشهده العالم بشأن أزمة فلسطين جراء الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية , باعتماد برنامجٍ للعمل ، والنظر في التقرير المقدم من الأمين العام لمنظمة العالم الإسلامي ، ثم بدأت المؤتمرون بمناقشة للأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية. وعد معالي رئيس البرلمان التركي ورئيس الاجتماع الاستثنائي للجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء بالمنظمة كوكسال توبتان في كلمة ألقاها في بداية الاجتماع أن ما يجري على قطاع وبقية الأراضي الفلسطينية وما يعانيه الشعب الفلسطيني من العمليات العسكرية الدموية الإجرامية والتصعيد الإسرائيلي انتهاكا صريحا لكل الأعراف والمواثيق الدولية . وأكد أن ما تمارسه إسرائيل حتى الآن بحق الأشقاء في فلسطين يلحق الضرر بأي حراك أو سعي للسلام والتهدئة في ظل رفضها القاطع لكافة الدعوات والمواقف الرسمية الرامية إلى إيقاف ما تمارسه بحق شعب أعزل إلى جانب ما يؤديه من تفاقم لمزيد من العنف والغضب في المنطقة . وتمنى أن يساهم هذا الاجتماع في دفع جميع المساعي التي تقوم بها منظمة المؤتمر , بوصفها ثاني أكبر منظمة بعد الأممالمتحدة , لإيقاف هذه الأزمة وبشكل دائم وإنهاء المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني. عقب ذلك ألقى معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد كلمة أبان فيها أن الاجتماع اليوم يعقد في وقت والعالم على مرأى ومسمع من تلك المجازر والمذابح الوحشية التي ترتكب بحق الإخوان في قطاع غزة على يد العدو الصهيوني المتسلط ، وأنه في قلب كل واحد أفراداً وشعوباً جمرات من الأسى والحرقة والذهول والفاجعة على الإخوة في فلسطين الذين تفتك بهم آلات العدو الغادر بأحدث ما وصلت إليه من التقنيات العسكرية ، لتقصف وتعصف بشعب محاصر أعزل يطالب بأبسط حقوق الإنسان . ووصف معاليه العدوان بالعدوان السافر الذي لا يعرف هوادة ولا ليناً ، وسقط من جرائه مئات القتلى وآلاف الجرحى ، ونشر الدمار والفساد على الأرض ، وبث الرعب والهلع في نفوس المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ ، في مناظر مأساوية سيضيفها التاريخ إلى سجل إسرائيل الحافل بكل مظاهر التسلط والقهر والظلم والوحشية . وأكد معاليه أن ما يجري اليوم في قطاع غزة هو مذبحة ومحرقة وحرب إبادة ترتكب في وضح النهار في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وللمواثيق والاتفاقيات الدولية، وإرهاب دولة منظم ، وحملة إبادة جماعية تمارسها إسرائيل ضد أبناء قطاع غزة الأعزل ، وقال وما مجزرة مدرسة الفاخورية التابعة للأمم المتحدة «الأونروا» إلا شاهد عيان أمام العالم بأسره، ناهيكم عن هدم المساجد والمدارس والجامعات . وأضاف ففي الوقت الذي يفترض أن يكون هؤلاء العزل آمنين في بيوتهم بعيدين عن نيل العدو وبطشه، إذا هم يقعون فريسة سهلة لنزعته العدوانية في مكان آمن يتبع لمنظمة دولية ، وفي بيوت الله وبيوت العلم فارتكبت بحقهم مجزرة بشعة راح ضحيتها مئات الشهداء وآلاف الجرحى من الأبرياء الآمنين . وأكد معالي رئيس مجلس الشورى أن هذه الوحشية والبربرية الإسرائيلية لا تزيد الشعب الفلسطيني الصابر والمناضل إلا قوة وصلابة ، وأن إرهاب الدولة المنظم الذي يمارس ضده لن يثني عزيمته وكفاحه لنيل حقوقه كاملة بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف ، لافتا النظر إلى أن المحن والأزمات لا تزيد أبناء الشعب الواحد والأمة إلا تقارباً وتماسكاً . وناشد معاليه جميع قادة الفصائل الفلسطينية المناضلة بأن تتجاوز خلافاتها وتجمع شملها بغية ترسيخ وجودها وتعزيز قوتها وسد أي ثغرة قد يستخدمها العدو الصهيوني للنيل من حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه المشروع في المقاومة مؤكدا أن وحدة الشعب الفلسطيني واستقلالية قراره الوطني هي صمام الأمان لضمان حقوقه الوطنية ومصدر قوته في مقاومة العدو . وذكر معاليه أخوانه قادة الفصائل الفلسطينية بلقاء ( مكةالمكرمة ) وما تم فيه من تفاهم واتفاق لجمع الشمل ووحدة الكلمة، رائيا أن هذا الاتفاق هو الإطار الصحيح لتجنب الفتنة ، وتجاوز الفرقة ، وحشد الطاقات لمواجهة العدو الغادر داعيا في الوقت نفسه الفلسطينيين إلى وقف اللوم أو التلاوم والمزايدات التي تحرف الاتجاهات وتمكن للمعتدي وتزيد من الانقسامات . وأبان معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أن العدو المحتل ومن وراءه يراهنون على تحويل الأزمات الإسلامية والعربية إلى صراعات وفتن سياسية ومذهبية وحزبية وتفريق صف الأمة وزرع الفتنة . وقال معاليه إن من نافلة القول أن نجتمع اليوم لنقول ونردد أننا نستنكر ما يجري من المجازر الوحشية الإسرائيلية بحق إخواننا من أبناء غزةوفلسطين منها ولنقول أننا نطالب بالوقف الفوري للعدوان ، فما من دولة من دولنا إلا وقد عبرت عن ألمها العميق الصادق من هول الصدمة والفاجعة في مواقف رسمية وشعبية ، وما من فرد من شعوبنا إلا وقد عبر عن غضبته وألمه لما يتعرض له إخواننا في غزة ، وقدمت شعوبنا دماءها نقية سخية في تبرع رمزي لأبناء هذا الشعب الأبي ، أداء لواجب الأخوة والتكاتف والتعاطف ، وتحقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم:» مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وتعبيراً عن ألم الضمير الذي يتحمله كل إنسان مسلم أبي إزاء قضيتنا الأولى القضية الفلسطينية . ودعا معاليه المجتمع الدولي بجميع منظماته وهيئاته أن يمارس مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدولي ، وأن يكون أكثر مصداقية وفاعلية لوقف هذا العدوان البربري الجائر والباغي على قطاع غزة الأعزل ، وأن يقف وقفة جادة لكبح طغيان الآلة العسكرية الإسرائيلية ؛ عن تنفيذ مخططاتها العدوانية التي تريد أن تحقق من خلالها ما عجزت عن تحقيقه بالحصار والإغلاق والعقوبات الجماعية المحرمة التي تفرضها على المواطنين في قطاع غزة، لتحرمهم من حقهم في أبسط متطلبات الحياة الإنسانية من الماء والكهرباء والمواد الغذائية والطبية وإمدادات الطاقة ، وأن يمارس ضغوطه على إسرائيل لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1860 الداعي إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل من قطاع غزة. وسأل معالي رئيس مجلس الشورى في ختام كلمته المولى سبحانه أن يفرج هم الإخوة في غزة، وأن يوحد كلمتهم ويهديهم الرشد والصواب ، وأن يتقبل شهيدهم ، ويشفي جريحهم ، وأن يربط على قلوبهم . يذكر أن وفد مجلس الشورى يضم أعضاء من اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني ، وهم عضو المجلس الدكتور محمد بن إبراهيم الحلوة ، وعضو المجلس الدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم ، وعضو المجلس الدكتور عبد العزيز بن سالم الحارثي .