لم تعد ظاهرة الحضور النسائي في ميادين الرياضة لتشجيع منتخباتهن شيئا جديدا، لكن اللافت أن بطولة خليجي 19 المقامة على أرض السلطنة الحبيبة حظيت بحضور جماهيري نسوى كبير غير مسبوق جئن من مختلف مناطق وولايات السلطنة، والتي يمكن القول فيها أن هناك عوامل عديدة أسهمت في بروز ظاهرة التشجيع النسوي هذا، حيث أدى تطور الإعلام الرياضي وما يضفيه من إثارة على المنافسات الرياضية خصوصا كرة القدم إلى التأثير في الثقافة الرياضية لدى النساء، بالإضافة إلى ما تعيشه المنطقة على صعيد ما يتعلق بحقوق المرأة، كما أن وضع المرأة في السلطنة أسهم بشكل كبير في إفساح المجال أمام نساء الخليج للحضور إلى ملاعب كرة القدم والوقوف إلى جانب أشقائهن من الرجال لتشجيع منتخبات بلدانهن، ومنذ انطلاق بطولة خليجي 19 بداية يناير الجاري برز الحضور النسائي في مباريات كرة القدم بشكل لافت، وتسيدت العمانيات ذلك الحضور بشكل كبير، باستثناء منتخب اليمن يمكن القول أن الحضور النسائي شمل بقية المنتخبات المشاركة، وكان لافتا حضور المشجعات السعوديات والكويتيات والعراقيات في مباريات منتخباتهن، ولم تغب الجماهير النسائية لأصحاب الأرض منتخب السلطنة وكذا مشجعات المنتخب الإماراتي والبحريني، عن مدرجات الملاعب، إذ يمكن القول أن كرة القدم لم تعد ساحرة للرجال بل أصبحت معشوقة للنساء اللواتي يظهرن من خلالها ما يعجزن أن يظهرهن من خلال المجالات الأخرى خصوصا في الدول التي لا تتمتع فيها النساء بأي حقوق سياسية، العراقيات الأبرز حضورا بعد العمانيات. إذ بات من المألوف حين تتابع خليجي 19 على قنوات الرياضة أن تشاهد الفتيات يزاحمن الحشود من الجماهير التي يزيد تعدادها عن 50 ألف مشجع، حاضرة تهتف بالفوز لمنتخب بلادها، الذي تحمل علمه، والأجمل أن تبرز بألوان صارخة تمثل ألوان العلم وقد امتلأت شوارع السلطنة وأوساط الأحياء السكنية بحشود غفيرة من الجماهير رجال ونساء، صغار وكبار، التي حملت الأعلام ورددت بعض الأغاني، حتى بدوا وكأنهم فرقة موسيقية تعزف لحنا واحدا يحمل اسم (عمان)، وحمل البعض الآخر على أكتافهم العلم العماني وأخذوا يرددون هتاف «عمان.. عمان» على دقات الطبول. وعلى الأرصفة احتشد العشرات من باعة الأعلام والقبعات التي تحمل علم عمان وشعارات المنتخب، وتجمع حولهم المئات من المواطنين أملاً في أن يتمكنوا من الحصول على علم يجولون به الشوارع تعبيرا عن فرحتهم، التي طالما انتظروا قدوم هذه الأيام، وكان لافتا الحضور النسائي للفتيات والنساء على حد سواء في احتفالات العمانيين، حيث تبارين في التعبير عن الفرح بدءا من الهتافات الحماسية والغناء، وأمام كورنيش مطرح بوسط مسقط، أطلقت إحدى النساء «زغرودة» عالية وهي تهتف بحرارة «أوه يا أوه.. الأحمر ما تغلبوه»، فيما قام أحد محلات العصائر الشهيرة بتوزيع العصائر مجانا على المحتفلين بالفوز، الذي نتمنى أن تكتمل فرحته بنيل الكأس .