اسواق النفط تترقب ارتفاعا نوعيا وتدريجيا لأسعار النفط اعتبارا من فبراير - شباط المقبل بعدما دخلت قرارات اجتماع وهران حيز التنفيذ اعتبارا من مطلع العام الجاري يوم الخميس قبل الماضي ، خصوصا وان دول الاوبك تعتزم وربما لاول مرة الالتزام بجدية بخفض الانتاج ، تمهيدا لسعر عادل تترقبه واخر تسعى اليه ، ولكن حجم المخزون جد كبير وربما يحتاج مزيدا من الوقت والانتظار مع الترقب . وكان اعلان دولة الامارات العربية المتحدة حجم التخفيض لعملائها في النصف الثاني من ديسمبر - كانون الاول اعتبارا من يوم الخميس قبل الماضي انعكس ايجابيا على اسعار النفط بصورة مبدئية ، وان عاد الى التأرجح قبيل اليوم الاخير من السنة ، ويظل الامر محاطا بالكثير لعل في مقدمها حجم المخزون ، وانعكاسات الأزمة المالية على الدول الصناعية قبل غيرها ، وبرغم ذلك يعتقد المراقبون من داخل دول الاوبك نظريا ان الالتزام بقرار التخفيض الاخير ربما يقود الاسعار في نهاية الربع الاول من العام الجديد الى ارتفاع تدريجي للاسعار وصولا الى سعر عادل لبرميل النفط الذي شهد انحدارا لافتا في الربع الاخير من العام الجاري . وكان المراقبون رجحوا ان تنعكس قرارات اجتماع وهران / الجزائر التي انتهت الى تخفيض 2،2 مليون برميل يوميا على اسعار النفط بصورة تدريجية اعتبارا من النصف الثاني لشهر فبراير ، خصوصا بعدما لمست الاسواق العالمية جدية دول الاوبك في الالتزام بتنفيذ تطلعاتها ، اضافة الى تراجع عمليات العرض الفوري في الاسواق العالمية واعراض "بعض" المنتجين عن بيع الموجود في عرض البحر (من تحت الطاولة) بعد هبوط الاسعار الى مستويات جد متدنية لا تخدم مصالحهم باي صورة ، ولا تحقق لهم عوائد معقولة . وتوقع المراقبون في المنطقة الخليجية ان تدخل منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك مراحل حاسمة في تاريخها ان استطاع الاعضاء فيها الالتزام فعلا برؤية التخفيض التي انتهى اليها اجتماعهم الاخير ، خصوصا وان بعض دول المنظمة " تاريخيا " غير ملتزم بنص القرارات الحاسمة ، ولعل في مقدمها قرارات خفض الانتاج " وبعضها الآخر لايستطيع الآلتزام ، لأنه لا يستطيع انتاج كامل الحصة المقدرة له داخل اطار المنظمة ، ويصف البعض من المراقبين الامر بانه بات يشكل ضغطا حقيقيا على موارد الدول المنتجة ، واحتمالات تدهورها الى عدم قدرة بعضها على الوفاء بالتزاماته الداخلية ان تدنت اسعار النفط اكثر من معدلاتها الحالية (35 دولارا للبرميل ) ، وكان الكثيرون منهم توقعوا ان لاتستجيب السوق لقرار خفض الانتاج بصورة مباشرة،باعتبار حجم المخزونات الاميركية ومعدلاتها المرتفعة جدا ، اضافة الى وجود مخزون جيد لدى الصين وربما كوريا وغيرها من الدول وان لم تراوح فتراتها بين شهر واحد وثمانية عشر يوما ولكنها تبقى مؤثرة . ويتوقع الكثيرون في المنطقة الخليجية ان تدرس الدول غير الاعضاء في اوبك التي شاركت في اجتماع وهران الآخير ومن بينها روسيا قبل غيرها المشاركة في المعادلة من اجل سعر يضمن استمرار عملياتها التحديثية ، برغم امتلاكها احتياطيات مالية اكثر من جيدة حاليا ، من خلال تقديم عمليات الصيانة لبعض ابار النفط فيها على سبيل المثال فقط ، او توقعاتها لحال السوق العالمية وحاجتها الفعلية لخفض مستوى الانتاج ، كل ذلك وغيره ربما يحقق معادلة الضغط باتجاه سعر عادل لبرميل النفط خلال الفترة المقبلة . ويرجح المراقبون تباطؤ عمليات توسيع وزيادة حجم الانتاج في عدد من الدول المنتجة للنفط خلال النصف الاول من العام " بما لا يعنى تجميد المشاريع المعتمدة لذلك ، ولكن جدولة الاولويات منها بحسب الحاجة " الى حين حدوث نوع من الاستقرار النسبي لأسعار النفط يشجع على المضي قدما في المشاريع الرئيسة منها . ويرجح البعض منهم وصول الاسعار الى معدلات تقارب 60 دولارا مع نهاية الربع الاول من العام الجاري ، وكان متوسط سعر برميل النفط لدول الاوبك جاوز 95 دولارا ، قبل ان يعود الى مستويات جد متدنية وصلت الى 33 دولارا في الربع الاخير من السنة الماضية . ولا يغفل بعضهم استمرار عمليات تجارب بدائل النفط في ظل سعر متدن لبرميل النفط خصوصا بعدما استطاعت بعض الدول الصناعية اخيرا تطوير تقنيات استخدام الميثانول خمسة اضعاف معدلاته السابقة ، وان كانت اسعار الميثانول متفاوتة في الدول التي تزمع الاستمرار في تطوير استخداماته بين 95 دولارا في الولاياتالمتحدة الاميركية ونحو 55 دولارا في البرازيل . وزير نفطي خليجي سابق اوضح في لقاء خاص مع ( البلاد) ان الامور جد صعبة ، ومستوى السعر المستهدف (75 دولار) لدول الاوبك ربما يكون بعيد المنال قليلا في الوقت الراهن ، قياسا الى الازمة المالية الطاحنة التي تعيشها اقتصاديات دولا صناعية مؤثرة قبل غيرها ، اضافة الى حجم المخزون في الولاياتالمتحدة الاميركية وغيرها من الدول التي شرعت في بناء احتياطيات جيدة خلال الفترة الماضية ، وخفض حجم الاستهلاك القسري في دول الغرب والولاياتالمتحدة الاميركية جراء الازمة المالية في المقام الاول من جهة والطقس السيء الذي يعوق التحرك ، وان كان يساهم في الارتفاع التدريجي لسعر برميل النفط مستقبلا . وقال " هبوط مستوى الاسعار لاشك قاد دولا من خارج اوبك لحضور اجتماع وهران ، ولكن هل سيلتزمون؟ حتى ولو بخفض نسبي ذلك هو السؤال الاهم ، لا احد يستطيع الجزم ، ومن تجارب سابقة مع دول مثل النرويج والمكسيك وغيرهم التجاوب بالنوايا فقط ، اما الالتزام شيء اخر ، ربما علينا الانتظار حتى يناير - كانون الثاني لمتابعة جدية البعض داخل اوبك وخارجها ، واضاف بعض الدول ومن بينها روسيا شاركت من قبل في اجتماعات مماثلة ولكن بدون التزام ، وروسيا ربما ارادت ان تعرف بمشاركتها في اجتماع وهران الى اي مدى جدية وصدقية دول الاوبك ، وهي تريد استمرار عملياتها التطويرية داخليا واقليميا وربما دوليا ، هي لا شك متضررة نسبيا ، ولكن ربما المستفيد الاول من الاسعار المتدنية الولاياتالمتحدة الاميركية . واضاف وضع السوق النفطية (الان) مشابه - احداث 79 الى اوائل الثمانينيات الماضية نتيجة الثورة الايرانية ، الى حد ما ، الوضع متقارب حصة اوبك كانت 28 مليون برميل ، ارتفع السعر ولم ينخفض الطلب ، وهو امر مخالف للرؤية الاقتصادية ، لان شركات النفط التي اعتمدت على المخزونات الموجودة لدى السبعة شركات القيادية سابقا لم تستطع ان تحصل منها على دعم ، مما اضطرها الى عمل مخزونات اخرى خاصة بها الامر الذي ساهم في زيادة الطلب على نفط اوبك وصل الى مايزيد على 31 مليون برميل ، وبعد عام 1981 بدا الطلب يتناقص ، وحدثت عمليات بيع باسعار منخفضة حتى تدهورت اسعار النفط بصورة متدنية ، وفشل مشروع سعودي للابقاء على اسعار النفط معتدلة بين المنتجين والمستهلكين ، واليوم علينا ان نتحلى بالصبر قليلا ، ومراقبة الآخرين في اوبك بعضهم يمتلكون نفطا خفيفا مطلوبا ، والسوق قريبة منهم ، ونحن في الخليج نحتاج الى قرابة الشهر حتى وصولنا الى الاسواق .