يبدو ان الأرهاب لا يفرق بين شخص وآخر، مسلم كان ام غير ذلك، فتعريف الارهاب وفقاً لما عرفه علماء النفس، هو سلوك يتجه الفرد الى استخدامه عندما يعجز عن استخدام طريقة اخرى للتعبير، وهكذا فإن الإرهابى هو شخص لديه سلوك عدوانى مع المجتمع ككل فى الاساس وهو فى ذلك لايفرق بين من معه ومن ضده ."البلاد"تناولت، تأثر المصريين بالثقافة الغربية الوافدة وانعكاس ذلك على تحول مصر من دولة مصدرة للثقافة الاسلامية الى دولة مستوردة لثقافات الدول الأخرى بما تحتويه هذه الثقافات من نمط غير متوافق مع العادات المصرية. مصر بلد الثقافات تعتبر مصر من اعرق الدول العربية فى الحضارة والثقافة ، حيث يشهد تاريخها القديم والحديث على ذلك، وطوال السنوات الماضية كانت مصر هى "قبلة" المهتمين والمؤرخين حول العالم فى تلقي الثقافة ، وقال الدكتور عصام الدسوقى استاذ التاريخ الحديث، ان مصر كانت وستظل هى منارة العالم الاسلامى لأنها منبع الحضارات وبلد الأزهر الشريف .ويؤكد "الدسوقى" فى حديثه للبلاد : ان الأرهاب الفكرى موجود فى مصر منذ الستينيات ، حيث انتشرت الجماعات "التكفيرية" التى تنظر الى المجتمع بأكمله على انه "كافر" فتكفر الجيش والشرطة، تلك الجماعات التى يعتبر وجودها فى مصر تهديداً للأمن القومى المصرى . وعن رأيه فى فترة الرئيس المعزول، قال ان الدكتور مرسى كان لديه عداء واضح للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكان يشير دائما الى الستينات من القرن الماضى قائلاً "الستينات وما ادراك ما الستينات"، فتحول مرسي من رئيس لكل المصريين الى رئيس يسعى للثأر من سلفه "عبد الناصر" وهو ما ادى الى كراهية المصريين لحكم الأخوان . الأزهر والثقافة المصرية فى نفس السياق، يقول الدكتور محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق، ان هناك اسباب عديدة جعلت الأزهر لا يقوم بدوره المطلوب منه ، لافتاً الى ان السياسة لا يمكن فصلها عن الأزهر ولكن لايمكن ان يتخذ البعض من الدين غطاء لتحركاته .ويضيف "عاشور" فى حديثه للبلاد: طوال السنين الماضية كانت الثورة تبدأ من داخل الأزهر، لأنه يعتبر ملهم الثورة ودافعاً قوياً لها فى الاستمرار والنجاح ، لافتا الى ان دور الأزهر فى الثورات لايقل عن دور الكنيسة كما كان فى ثورة 1919 . مؤامرة على الأزهر ويرى د. جمال عبد الستار، وكيل وزارة الأوقاف، أن المؤامرة على الأزهر كانت ولا تزال من أجل إلغائه، حيث أنه بين الحين والآخر تخرج وسائل الإعلام والصحافة تتحدث عن التعليم الأزهري والمعاهد الأزهرية ، بهدف أن تنضم هذه المعاهد الأزهرية إلى وزارة التربية والتعليم ، وأن تنضم جامعة الأزهر إلى الجامعات المصرية بقانون واحد.ويشيد "عبد الستار" بالقرارات التي اتخذها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب "شيخ الأزهر " بعودة تدريس التراث في الأزهر الشريف، مؤكداً أنه لو عاد الأزهر إلى تلك المناهج، وخفف عن الطلاب العبء الضخم من المواد العلمية، وعادت الكتاتيب مرة أخرى بحيث لا يدخل الأزهر الشريف إلا من كان حافظاً للقرآن الكريم، فإن ذلك سيعيد للأزهر علماءه النابغين كما كان في وقت سابق، وسينهض الأزهر بالأمة ، ويعيد لها أخلاقها وقيمها ومبادئها التي يحملها الإسلام العظيم. الدور السياسي للأزهر ويذهب الدكتور عبد الحفيظ الغزالى، الامام بالأزهر الشريف، الى أنه في كل الثورات كان الأزهر يقاوم الإحتلال ، فاستطاع الأزهريون مقاومة الحملة الفرنسية ، وكان لهم دور أيام ثورة سعد زغلول، كما كان للأزهر دوره الرائد في بعث النهضة الإسلامية في الجزائر ، كما تصدى عدد كبير من علماء الأزهر للدور الخطير الذي كانت تقوم به المدرسة الأوروبية في الأدب.ويشير "الغزالى" الى ان الأرهاب الفكرى الذى يعانى منه المجتمع حاليا ينعكس بالسلب على سلوك الأفراد وبالتأكيد نتيجة ان الأزهر وغيره من المؤسسات كان تحتاج الى ان تدخل الثورة بداخل هذه المؤسسات . الإعلام يصنع إرهابياً يقول الدكتور حسن عماد مكاوى، عميد كلية الاعلام بجامعة القاهرة، ان الاعلام فى العالم العربى يمثل عاملاً مهما للتأثير فى المواطن حيث ان المواطن يعتبر المادة الاعلامية الموجودة فى الاعلام المرئى والمسموع مصدر ثقة .وأكد "مكاوى" ان المضمون الاعلامى الذى تحاول الفضائيات بثه حالياً قد يكون له تأثير كبير فى تشكيل مواطن معادى للمجتمع وهو ما يؤدى بالتأكيد الى خلق "ارهابى" .ويضيف، لستُ على يقين بأن الاعلام حالياً يستطيع النهوض بمصر، فأكثر المحتوى الاعلامى ضار وغير مفيد للمواطن، مؤكداً ان الاعلام الموجه يمكنه صنع عالم فضاء، ويمكنه صنع مواطن لديه يأس من الحياة بأكملها . ثورات متعاقبة والمتابع للشأن المصرى يلحظ ان المصريين أصبحوا يكرهون كلمة "ثورة" لأنها ارتبطت فى اذهانهم بتعطيل الأنتاج ومصدر الرزق فأكثر المصريين اليوم يتمنون العودة الى الوراء وعدم قيام اية ثورة فى التاريخ وهو مايعد مؤشراً خطيراً للعودة الى الوراء .واذا كانت الثورات تفتح للثوار ابواب الأمل فإن مامرت به مصر من ثورات جعلت المصريين أكثر احباطاً من غد افضل وهو الملاحظ فى المواصلات والمرافق العامة والخاصة . الإرهاب صنيعة غربية بلا شك تواجه مصر ارهاباً داخلياً متمثلاً فى بعض الجماعات التكفيرية والجهادية التى تنظر الى المجتمع ككل على انه كافر ولا تفرق فى ذلك بين مسلم ومسيحى بل ان بعض هؤلاء يذهب الى تكفير الجيش والشرطة وكل من يعمل فى مؤسسة حكومية، ولكن هل ينطبق ذلك على الأخوان ؟ يقول الدكتور احمد صبرى، استاذ علم النفس والسلوك بجامعة القاهرة، ان بعض المنتمين الى جماعة الاخوان المسلمين يسيئون اليها ولا يمكن اعتبار الجماعة ككل تمثل ارهابا على الدولة فجماعة الاخوان موجودة فى مصر منذ عشرات السنين ومع ذلك لم يشعر المصرى بأي تهديد على حياته .ويضيف "صبرى" مايحدث فى المجتمع الآن سلوك عارض يشمل كل ماهو ينتمى الى فصيل سياسي اسلامى، يأخذ وقته ثم ينتهى بمرور الوقت ، لافتاً الى ان الاعلام يُساهم بدور كبير فى تأجيج الوضع . نقص الثقافة يذهب عدد من المثقفين الى ان الأزمة فى مصر ليس لها علاقة بالحكام او بالسلطة الحاكمة ولكنها نقص فى ثقافة المصريين ، حيث ان أكثر المصريين يجهل تاريخ امته وعراقتها .فيقول الدكتور سيد حبيش، رئيس قسم التنظير بدار الكتب والوثائق المصرية، ان الشعب المصرى عانى كثيرا من الاضطهاد والظلم على مر السنين الماضية وعندما قام بالثورات كانت من اجل ان يعيش افضل ولكن النتيجة دائما كانت تأتى عكسية .ويضيف "حبيش" ان التاريخ المصرى شاهد على ان من يحاول هدم مصر يموت قبل ان يصل الى ذلك، فمصر هى بالفعل مقبرة الغزاة .ورغم ماتعانيه مصر من اضطرابات سياسية وخلافات فى وجهات النظر، الا انها ستظل وبشهادة التاريخ منبراً مهماً لنشر الثقافة الاسلامية الوسطية، التى من خلالها تستطيع القضاء على الارهاب السلوكى والفكرى، عن طريق تربية جيل جديد قادر على تحريك الأمور الى الأفضل ويتم ذلك عن طريق منابر اعلامية غير موجهة وممولة لمصالح شخصية .