إذا ألقيت نظرة عامة على الوضع في مصر فلن تجد قطاعا في مصر إلا وقد تأثر بتفاقم الأحداث السياسية التي تشهدها البلاد، أما إذا بحثت جيداً فلن تجد قطاعاً تضرر أكثر من القطاع السياحي, فتوافر الأمن والأمان واستقرار الأوضاع السياسية من أهم عوامل الجذب السياحي لأي دولة وهو ما تفتقده مصر الآن, وأدى إلى قيام العديد من شركات السياحة في دول مختلفة عبر العالم بإلغاء رحلاتها السياحية إلى مصر. وقد زاد حجم الإلغاءات خصوصاً بعد أن حذرت دول كثيرة رعاياها من السفر إلى مصر, فعلى سبيل المثال لا الحصر أوقفت العديد من شركات السياحة الكبيرة في روسيا إرسال السياح إلى مصر بسبب الاضطرابات الأمنية هناك، وأعلنت كبرى شركات السياحة الروسية عن إيقاف بيع الرحلات إلى مصر وإلغاء الرحلات المقررة وأعلنت جمعية شركات السياحة الروسية أن 90 % من السياح الذين كانوا يخططون للسفر إلى مصر قد ألغوا خططهم, وذكرت شركات السياحة أنه حسب إحصائياتها، فإن 60% من السياح قرروا التوجه إلى دول أخرى. أما في إيطاليا فقد قامت الخارجية الإيطالية بإرسال طائرات لمصر لعودة السائحين الإيطاليين إلى بلادهم, حيث يتوقع البعض أن تخلو منطقة البحر الأحمر وسيناء من السياحة الإيطالية. وتعاني الكثير من الأماكن السياحية في البلاد من توقف قدوم السائحين إليها وركود حركة البيع والشراء وعلى رأس هذه الأماكن منطقة خان الخليلي وهو أحد أحياء القاهرة القديمة، ويتمتع بجذب سياحي كبير بالنسبة لزوار القاهرة ومصر بشكل عام, ويتميز بوجود بازارات ومحلات ومطاعم شعبية، كما يتميز بكثرة أعداد السياح واعتياد سكانه عليهم وذلك قبل تفاقم الأوضاع السياسية في البلاد. وقد أدى ذلك إلى وجود حالة استياء كبيرة خاصة بين أصحاب المحال والعمال المتضررين، فقد أشار إبراهيم عبد الفتاح وهبة "صاحب بزار" إلى ركود حركة البيع والشراء بشكل أقرب إلى التوقف بسبب سخونة الأحداث في البلاد وتخوف المواطنين قبل الأجانب من الذهاب إلى السوق والتسوق بحرية, فالجميع متخوف من الأوضاع الأمنية. وذكر أن عدد السياح في تناقص شديد ولكنهم مازالوا متواجدين، مؤكدا أن الأزمة الحالية هي الأكثر تأثيراً على السياحة منذ ثورة 25 يناير. وأعرب محسن عثمان "عامل بإحدى المحلات" عن ضيقه الشديد بسبب تأثير الأوضاع السياسية على حركة النشاط التجاري في شارع خان الخليلي وقال: إن أصحاب المحلات أصبحوا غير قادرين على دفع رواتبنا وفى نهاية المطاف سيضطروا إلى تسريحنا إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه. كما أعربت مروة ماهر أحد العاملات بالقطاع السياحي والتي تعمل مدير إدارة الموارد البشرية بإحدى شركات السياحة المصرية عن استيائها لما تمر به البلاد من أحداث وتوترات سياسية والذي أثر بدوره على أعمالهم, حيث قالت "للبلاد": إن جميع من كانوا سيأتون إلى مصر عبر شركتهم قد قاموا بإلغاء سفرهم, بالإضافة إلى أن الكثير من البلاد قد منعت مواطنيها من القدوم إلى مصر, وبالنسبة لموضوع "تسريح العمالة"، فقد أشارت إلى أنه حتى الآن لم يتم اتخاذ مثل هذه الخطوة ولكن إدارة الشركة تفكر بجدية في هذا الإجراء وتم توقيف التعيينات هذه الأيام. وأعرب رئيس اتحاد الغرف السياحية إلهامي الزيات عن استيائه من تحذير بعض الدول لرعاياها من الذهاب إلى مصر، مطالباً بتعويض شركات السياحة وأصحاب المحلات عن الخسائر التي تعرضوا لها بسبب سوء الأوضاع الأمنية في البلاد. وعلى جانب آخر يقوم بعض أصحاب المحلات في سوق خان الخليلي بشحن منتجاتهم إلى دول خارج مصر حتى يبيعوها ليتمكنوا من دفع رواتب العاملين, وتكاليف تشغيل المحلات ودفع مصاريف منازلهم, بينما اضطر أصحاب المتاجر ومصانع المشغولات لتسريح عدد كبير من العمال الذين كانوا يستخدمونهم. جدير بالذكر أن خان الخليلي يعتبر واحداً من أقدم أسواق الشرق وأكثرهم عراقة، يصل عمره إلى أكثر من 600 عام، منذ عصر المماليك, ويشتهر السوق بعدة بضائع منها, الماس والذهب والفضة, وأوراق البردي ذات الكلمات الهيروغليفية أو القصائد, والمسابح المصنوعة من بذر الزيتون أو البلاستيك ومنها المصنوع من المرجان والكهرمان والفيروز ويوجد أيضاً المسابح المصنوعة من خشب الصندل, والعطور والبخور.