عدت للتو من اجازتي السنوية التي استغرقت شهراً في بلدي الحبيبة مصر ولاول مرة ومنذ وطأت قدمايّ ارض مطار القاهرة الدولي وجدت "لمسة حزن" واضحة على كل الوجوه ضاعت البسمة التي اشتهر بها "المصريون" من سائق التاكسي الاسمر او الابيض الذي انتشر في شوارع مصر والفارق بينهما ان التاكسي الاسمر قديم وغير مكيف وهو يخضع للاتفاق بين الراكب وسائق التاكسي اما التاكسي الابيض فهو ملك للسائق وهو مكيف ويخضع "للبنديرة" او العداد حسب المسافة. كل الوجوه التي صادفتها كانت شاحبة البعض يبحث عن المجهول ولكنه لا يجده واخرون يرون في حالة الغلاء التي لا تطاق عوامل "تذمر" ضد الحكومة التي ساهمت بطريق مباشر او غير مباشر في حالة الغلاء التي لا يمكن ان يتحملها الفرد العادي - 5 بالمائة فقط من سكان قاهرة المعز قادرون على التعامل مع الاسعار الملتهبة والاخرون كان الله في عونهم تخرج السيدة المصرية (الام) في الصباح الباكر وهي تتجول في السوق الشعبي للبحث عن الخضار الرخيص والدجاج بدلا من اللحم الذي ارتفعت اسعاره الى حوالي تسعين حنيها مصريا في الاحياء الراقية من القاهرة وتنخفض الى ستون جنيها في الاحياء الشعبية للكيلو والحكومة من جانبها تحاول سعر النقص باستيراد "اللحم السوداني" وبيعه في الجمعيات الاستهلاكية بسعر شعبي يقدر عليه ذو الدخل المحدود. الملاحظة التي سببت لي قلقاً غير عادي هي انقطاع الكهرباء في جميع انحاء مصر وحتى في الاحياء الراقية من القاهرة لمعدلات ساعتين الى ست ساعات في بعض القرى والمدن البعيدة واشتكى الناس من هذه الانقاطاعات التي تسببت في خسائر لدى محال الجزارة والفواكه واللحوم وايضا خسائر في الاجهزة الكهربائية والمتشفيات التي تحتاج الى الكهرباء بصفة مستمرة وكانت الشكوى عامة في هذا المجال. تركنا الكهرباء لندخل في دوامة اخرى هي نقص السولار والبنزين بانواعه المختلفة وحتى ان بعض اصحاب السيارات كانوا يصحون من اذان الفجر ليقفون في "طوابير البنزين والسولار" بالساعات. هذا النقص في البنزين ادى الى زيادة في اسعار "المكيروباس" حتى "والتوك توك" والضحية دائما هو "الزبون" وتتوالى المسكلات التي سببت حالة من الحزن والوجوم لدى الناس لا يعرفون متى ينتهي هذا الحزن الرفيق وهو عكس ما انطبع عليه ابناء مصر حتى النكت في مصر وعلى القهاوي اصبحت نكت سياسية تعبر عن الواقع الاليم الذي تعيشه مصر الحزينة هذه الايام. خلال اجازتي السنوية جاءت ايام (مولد السيدة زينب) ام هاشم وهي التي يفد اليها جموع المريدين من كل بقاع مصر ويستمرون قرابة اسبوع يقيمون حول (مقام السيدة زينب الشهير وسط القاهرة هم وابناؤهم يستمعون في الليل الى التواشيح والاذكار النبوية والاغاني الدينية من المبتهلين وهم جميعا سعداء بقربهم من المقام الرفيع (مسجد السيدة زينب بالقاهرة) وهي عادة سنوية لا ينقطع عليها الكثيرون ويحرصون عليها وانا واحداً مهم. وفي ظل لمسة الحزن الدفينة التي وجدتها على وجوه (المصريين) جاءت ثورة شباب مصر وانتفاضتهم في الثلاثين من يونيو الماضي (ضد اخونة الحكومة في مصر) ونزل الشعب المصري بكل طوائفه ليعبروا عن استيائهم من الاوضاع التي يمر بها وانقشعت (الغمة) وبدأت ملامح الفجر تشرق على مصر من جديد وكانت لمسة الحنان الاولى من خادم الحرمين الشريفين الذي قدم دعماً قويا للاقتصاد والخزانة المصرية وتلته الامارات العربية المتحدة فالكويت وباقي دول الخليج التي قدمت دعماً لمصر للتخفيف من آلامها وجراحها وشكراً للجميع الذين احتضنوا مصر في الاوقات الصعبة وارتفعت الاعلام السعويد تعانق العلم المصري فالاموال الخليجية جاءت لتخفيف الآلام وتضمد الجراح فمصر الغالية تحتاج ان تشرق عليها الشمس من جديد وهذا ما نتوقعه خلال الاسابيع القادمة بإذن الله تعالى.