على مدار عقود ظلت الفكرة السائدة عن الدهون سيئة بسبب الفهم الخاطئ لبعض الدراسات، وهي أن تناول المأكولات الغنية بالدهون يؤدي بشكل مباشر إلى السمنة والإصابة بأمراض القلب، وأصبحت الأطعمة المليئة بالدهون الخطأ الغذائي الوحيد، الذي نرتكبه والمسؤول عن ارتفاع مستويات الكولسترول وانسداد الشرايين والسمنة. إلا أن الدراسات الجديدة أثبتت أن تناول الدهون يعد من الضروريات الملحة لصحة الجسم، خاصةً وأن خبراء التغذية أكدوا أن الحمية قليلة الدهون أثبتت فشلها، حيث زادت نسبة السمنة على الرغم من تقليل معدل تناول الأغذية الدهنية. وتعتبر الدهون عناصر غذائية مهمة شأنها شأن الكربوهيدرات والبروتينات، وهذا يعني أن أجسامنا تطلبها للقيام بوظائفها الرئيسية، كما أن الدهون مصادر مهمة للطاقة، وتعمل على المحافظة على صحة الشعر والبشرة. كما توصل الباحثون إلى أن تناول الدهون المناسبة يعمل على تقليل فرص الإصابة بداء السكري وأمراض القلب وتحسين مستويات الكولسترول، والسبب في هذا أن الدهون لا تأتي من مصادر متشابهة، فليست الكمية الموجودة في الحمية هي المؤثرة على وزنك أو إمكانية إصابتك بتصلب الشرايين على سبيل المثال، وإنما العامل الأهم هو نوع هذه الدهون التي تختار أن تتناولها. حيث تعمل الدهون الأحادية غير المشبعة الموجودة في المكسرات والأفوكادو وزيت الزيتون وزيت الكانولا والدواجن، على تقليل مستويات الكولسترول وبالتالي الحد من فرص الإصابة بأمراض القلب، وأثبتت دراسات عديدة أن استبدال الحمية الغنية بالكربوهيدرات بالحمية الغنية بالدهون الأحادية غير المشبعة، يؤدي إلى تقليل ضغط الدم المرتفع أيضاً. بجانب الدهون غير المشبعة المتعددة الموجودة في الأسماك كالسلمون والذرة وزيت الصويا، التي تخفض نسبة الكولسترول وأمراض القلب أيضا، وتعتبر أحماض الأوميجا 3 جزءً منها، وهي موجودة بكثرة في لحوم الأسماك، كما أنها تختلف عن أحماض أوميغا 6 الموجودة في اللحوم وزيت الذرة وزيت الصويا، وبالتالي فإننا نحصل على كمية كبيرة من أوميغا 6 على حساب أوميغا 3، لذا يفضل استبدال اللحوم بالأسماك في الحمية الغذائية كلما سنحت الفرصة. أما الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم ومشتقات الألبان كالأجبان والزبدة والحليب فيفضل عدم الإفراط في تناولها، لأنها ترفع من مستوى الكولسترول الضار، وتزيد من فرص الإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية. إلا أن الدراسات الأخيرة أثبتت عكس ذلك، فعلى سبيل المثال لم تتوصل دراسة أمريكية إلى دليل قاطع على ارتباط استهلاك الدهون المشبعة بالإصابة بالجلطة أو السكتة، وأشارت النتائج إلى أن "حمض الستياريك" الموجود في الشوكولاته الداكنة لا يسبب أضراراً صحية، والأمر نفسه ينطبق على "حمض اللوريك"، وهو نوع من الدهون المشبعة المتوفر في زيت جوز الهند إلا أن الأدلة لا تزال غير مؤكدة. ويقول بعض الخبراء إنه لا يوجد موانع للتوقف عن تناول الدهون المشبعة، إلا أن آخرين يعتقدون أن الاستمرار في تناولها مع أطعمة أخرى يجنبنا استبدالها بالكربوهيدرات المكررة، والخلاصة هنا أنه ليس عليك الحد منها تماماً وإنما عليك التأكد من أن معظم الدهون التي تتناولها غير مشبعة، ومن الأفضل تناول اللحوم الحمراء مرة أو مرتين أسبوعياً، واستبدال الزبدة بزيت الزيتون قدر الإمكان. وإذا كنت ترغب في إنقاص الوزن، فعليك بتناول طعام يحتوي على قدر من الدهون لأن هذا يمنحك شعوراً بالشبع فترة أطول ولن تحتاج إلى تناول الوجبات الخفيفة طوال اليوم، وأظهرت نتائج بحثية أن هناك أنواعاً من الدهون تساعد في الحفاظ على رشاقة الجسم، حيث توصل باحثون من "جامعة هارفارد الأمريكية" إلى أن الأشخاص الذين تناولوا المكسرات بشكل منتظم اكتسبوا وزناً أقل على مدى أربع سنوات بالمقارنة مع الذين لم يقبلوا عليها، كما أن المنتجات التي تروج على أنها خالية أو قليلة الدسم قد تحتوي على مزيد من السعرات الحرارية بالمقارنة مع المنتجات الأخرى كاملة الدسم.