يقول محللون إن الولاياتالمتحدة تراقب الاضطراب السياسي في تركيا بقلق وسط مخاوف من أن تؤثر زعزعة استقرارها على دور أنقرة في القضايا ذات الاهتمام المشترك بدءا من العراق وحتى المحادثات الإسرائيلية السورية . ومن المنتظر أن تصدر المحكمة الدستورية التركية حكمها الشهر القادم بشأن ما اذا كانت ستحظر نشاط حزب العدالة والتنمية الحاكم وتعزل رئيس الوزراء حليف الولاياتالمتحدة رجب طيب اردوغان من منصبه بزعم السعي الى تحويل البلاد الى دولة إسلامية وهو الاتهام الذي ينفيه الحزب .وخلافا للكثير من الدول الأوروبية التي اصدرت توبيخات لما اطلق عليه البعض " انقلابا قضائيا " التزمت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الصمت مفضلة تأكيد الدعم " للعمليات الديمقراطية " بينما أوضحت أنه مهما حدث فان واشنطن تسعى لعلاقات جيدة مع حليفتها بحلف شمال الأطلسي . وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بعد اجتماعها الشهر الماضي مع وزير الخارجية التركي " أعتقد أن العلاقات التركية الأمريكية في حالة جيدة ." واعترف مسؤول أمريكي بارز بأنه اذا تمت الإطاحة بحكومة أردوغان والحزب فلن تكون هذه " النتيجة الأفضل " لكنه قال إن واشنطن عاقدة العزم على الاحتفاظ بعلاقات قوية .وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه " علاقتنا أقوى كثيرا مما كانت عليه خلال عقد من الزمن وقد كنا نعمل على تعزيزها بشكل من التدقيق .وحتى اذا تمت الإطاحة بالحكومة الحالية فسنسير على نفس الدرب ." ومضى يقول " لن أجادل بأن هذا تطورا إيجابيا لكن من الصعوبة بمكان قول ماذا سيكون الأثر . أعتقد أن الأتراك سيجدون سبيلا للمناورة والخروج من هذه الأزمة ." كانت العلاقات بين الدولتين مضطربة في الوقت الذي قادت فيه الولاياتالمتحدة الغزو ضد العراق عام 2003 وعلى الرغم من تحسن العلاقات الآن فإن الولاياتالمتحدة لا تتمتع بشعبية في تركيا .وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة بيو جلوبال اتيتيودز في الآونة الأخيرة أن 12 في المئة فقط من الأتراك لديهم رأي إيجابي في الولاياتالمتحدة . وتشترك الدولتان في قائمة من المصالح الاستراتيجية من العراق وايران جارتي تركيا الى جهود الوساطة التي قامت بها أنقرة مؤخرا بين اسرائيل وسوريا . وأنقرة حليف عسكري رئيسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وتحتاج واشنطن الى تعاون تركيا خلال محاولتها تحقيق الاستقرار في العراق خاصة في الشمال الكردي .ويقول جاريث جينكينز الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون التركية " اذا حلت حكومة ضعيفة محل الحكومة الحالية فسيكون التعامل مع الكثير من هذه القضايا أصعب وستمر تركيا بفترة من الانشغال بأمورها الداخلية ." ومن الممكن أن يتأثر دور تركيا في الوساطة بين اسرائيل وسوريا حيث تستهلك تركيا التي يغلب على سكانها المسلمون لكنها دولة علمانية رسميا في صراع داخلي .ويشير سام برانين زميل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وهي مؤسسة بحثية في واشنطن الى ان النتيجة الحتمية هي ان حالة عدم الاستقرار ستؤثر على المحادثات الاسرائيلية السورية .واضاف " بوجه عام ستنشغل تركيا بنفسها ولن تتطلع الى الانخراط .بل إنها قد تتطلع الى دول مثل روسيا بدلا من اللجوء للغرب ." وتفاقم التوتر في الأسبوع الماضي بسبب اعتقال جنرالين بارزين متقاعدين وآخرين وجميعهم من منتقدي الحزب الحاكم ذي الجذور الإسلامية للاشتباه في سعيهم للإطاحة بالحكومة . وحذر كثير من المحللين واشنطن من استخدام لهجة شديدة حين تتخذ المحكمة قرارها حيث يمكن أن يفسر ذلك على أنه تدخل في الشؤون التركية وانحياز لأردوغان . ويقول زاينو باران من معهد هدسون في إشارة الى مسعى تركيا للانضمام الى الاتحاد " الاتحاد الأوروبي سيقوم بمهام التوبيخ الى حد كبير نيابة عن الولاياتالمتحدة اذ يتمتع بقدر اكبر من المصداقية للتدخل " . وذكر هنري باركي المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية أن على واشنطن أن تتخذ موقفا اكثر صرامة حيث إن الضرر المحتمل للمصالح الأمريكية بالغ للغاية . واستطرد باركي الذي يعمل حاليا في جامعة ليهي في بنسلفانيا قائلا " لكن وزارة الخارجية تخاف للغاية حين يتعلق الأمر بتركيا ." ومن بين الأمور التي لا يمكن التكهن بها كيف سيكون رد الكونجرس الأمريكي خاصة بعد الضجة التي ثارت العام الماضي حين وصفت لجنة بالكونجرس قتل الأتراك العثمانيين للأرمن بالإبادة الجماعية . وأضاف باران من معهد هدسون معلقا على الآراء التركية تجاه الكونجرس " من وجهة نظر تركية هم لا يميزون كثيرا بين الإدارة والكونجرس ." ومضى يقول " ترغب الإدارة في إسكاتهم ( النواب ) لكن هذا وقت انتخابات " مشيرا الى الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تجري في نوفمبر .