على الرغم من التطور الهائل في صناعة مراتب النوم الخاصة بأسرّة الأطفال، إلا أن "الميزب" الذي عُرفت صناعته منذ مئات السنين من جلد الماعز وجريد النخل, ظل المطلب الوحيد لأهالي نجران حتى عصرنا الحالي، ليقدم هدية إلى مواليدهم، حتى ينعموا بسرير نوم وثير. صاحب إحدى محلات بيع المصنوعات الجلدية المواطن محمد سعد البديدي الكائن بسوق أبا السعود الشعبي غرب نجران، أوضح جانباً من شكل الميزب، حيث قال إن طول الميزب يبلغ 85 سم وعرضه 45 سم، ويمر بعدة مراحل في التصنيع تبدأ بعملية دبغ جلد الماعز دبغاً جيدا بنبات القرض والماء الحار والملح والحرمل، وبعد ذلك يجفف وعند التأكد من خلو الجلد من بقايا الشعر تبدأ عملية التصنيع. ويتكون الميزب حسبما يروي البديدي، من (الناصية) المقدمة وهي عبارة عن قطعة خشب مربعة الشكل ومثبتة من الخلف بداعم من جريد النخيل ومغلفة جميعاً بجلد الماعز، وهي تشبه مقدمة السرير الحديث، حيث تحمي الرضيع من التعرض لأي تأثير خارجي، كما تتزين الناصية (بالهدب) وهي شرائط من جلد الماعز في أعلى الناصية وأسفلها تضفي شيئاً من الجمال على الميزب والمرح للرضيع فعندما تضرب الأم الميزب من الأعلى أو الأسفل تحدث صوت خشخشة محببة له ويساعده على الاسترخاء والهدوء، بالإضافة إلى أن الداعمتين يمكن أن تستخدم للهز عندما يكون الميزب على الأرض". كما يتكون من الصحن وهي المساحة المخصصة لنوم الرضيع على شكل أسطواني يشبه كثيراً بطن الأم الحامل ومثبتة من الجانبين العلويين بعصا من داخل الجلد من جريد النخل بكل جانب وفي أعلاها (العروة) المصنوعة من الجلد الخالص بمتانة كبيرة وهي يد الميزب والحاملات له، وتشكل حماية كبيرة للرضيع من خلال التحكم بفتح الميزب وذلك بضم طرفي الميزب لبعض لتضيق مساحة الفتحة خلال نوم الرضيع فتحميه من سقوط الأشياء عليه من أعلى، وتسهم في الوقت ذاته في توفير الوضعية الصحية والآمنة للرضيع بجعله ينام على جانبه وبذلك يتجنب الاختناق من الاسترجاع للبن، وضم جسمه لبعض والاستغناء عن الربط واللف.أما الجزء الأخير من الميزب فيكون منحني للأسفل ويسمى (المسيال) وهو فتحة من الجلد مغطاة بشرائط جمالية مهمتها أخراج السوائل التي تخرج من الطفل كما تكون رادع لمفارش الرضيع من الانزلاق للأسفل , وأخيراً ( الشطفه ) وهي قطعة من الجلد الخالص تكون في أعلى الميزب في الجانب الأيمن تستخدم كغطاء للرضيع تحميه من أشعة الشمس والضوء والهواء.وتتراوح أسعار الميزب بين 500 ريال إلى 1500 ريال حسب جودة العمل وإتقان الصانع لحبك تفاصيل الميزب , حيث تظهر مهارته في الناصية والعروة واختيار أجود أنواع جلود الماعز وهو جلد ( التيس ).والتقى مراسل " واس " خلال جولته في محلات المصنوعات الجلدية في أبا السعود بنجران مع زبائن قدموا لشراء الميزب , ومنهم أبو سلطان الذي يبلغ من العمر (75) سنة , حيث جاء لشراء الميزب لحفيده الأول , معبراً عن بالغ سعادته بالضيف الجديد الذي يبلغ عمره (21 يوماً) , فيقول : " درج المجتمع النجراني على تقليد قديم بإهداء الجدة حفيدها البكر الميزب ليكون هدية يرثها بعده إخوانه ويتقاسمون سنين العطاء من الأجداد، حيث كان النساء قديماً هن من يقومن بدبغ الجلد ومن ثم يتولى الصانع إكمال صنع الميزب، ومع تخلي النساء عن تلك العادات القديمة جئت اليوم للسوق لشراء الميزب لأم سلطان لتقدمه لحفيدنا الأول ". وأضاف أبو سلطان والفرحة مرسومة على محياة " يستحق حفيدي (علي) أن ينعم بنوم هادئ وأمان , ولن يتوفر ذلك له إلا بوجوده بالميزب لما يتمتع به من مزايا عالية في التصميم الذي أعتمد على الراحة والأمان للرضيع ضد أي أخطار , كما يتمتع الجلد بخواص صحية تجعل منه حاضنة صحية للرضيع بعدم وجود الجراثيم فيه.أما أبو راشد شاب في أوائل العقد الثالث الذي ينتظر مولوده الأول خلال أسبوع بإذن الله يقول : اشتريت "ميزبا " بقيمة (900) ريال ويستحق ذلك المبلغ لما يتمتع به من مزايا مدهشة منها توفير الراحة والأمان للمولود الجديد وسهولة الحركة به , حيث يكون الرضيع قريباً من الأم سواءً في البيت أو في الخروج , كما يمكن التنقل بالميزب خلال السفر وسهولة تخزينه وطول فترة استخدامه التي قد تمتد لمشاركة جميع الإخوان لميزب واحد.