عرفت منطقة نجران صناعة الجلود منذ القدم نظرا لأنها ممر القوافل وواحة الأسفار القديمة في تاريخ الإنسان في عصور ما قبل الميلاد ولا تزال حتى عصرنا الحالي، كما اعتمد سكانها في حياتهم بشكل كبير على الإبل والمواشي مما جعل أهل البادية يتجهون للاستفادة من جلود هذه الحيوانات. لم تكن الصناعات الجلدية في نجران مجرد صناعة يستفاد منها لقضاء حوائج الإنسان اليومية من حفظ للأطعمة وأدوات للسفر والشرب والأكل وغيرها بل إن هذه الصناعات لها اتجاهات فنية تمثلت في الزخرفة والزركشة والتشكيل الهندسي والعشوائي وإضافة الأهداب والألوان إلى هذه الأدوات. ولأن نجران منطقة من مناطق المملكة الأثرية والتراثية فقد حافظت الدولة ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والآثار على هذه المصنوعات الجلدية القديمة لتزين بها متحف الأخدود والسوق الشعبي الذي يعج بأركان متخصصة في هذه الأدوات الجميلة، كما أن سكان نجران مازالوا حتى يومنا هذا يستخدمون الكثير من هذه الصناعات حفاظا على الموروث وخصوصا تلك الأدوات التي يقدم فيها طعاما للضيوف. وفي جولة لوكالة الأنباء السعودية في مقر صناعة الجلود في البلد بنجران برزت أنواع متعددة من أصناف الجلود التي يستخدمها صناع الجلود في نجران من جلود البقر والجمال والغنم والماعز بعد دباغتها وتجهيزها، ولكنهم يختلفون أحيانا عديدة في طريقة صناعة وشكل النتاج الجلدي النهائي. ومن أشهر الصناعات الجلدية في نجران «الميزب» وهو وعاء جميل يوضع فيه الطفل المولود لحمله على كتف أمه في حالة نومه، ويعد من أغلى المصنوعات الجلدية نظرا لإقبال النساء على اقتنائه حتى الوقت الحاضر، كما أنه مزود بزخارف جميلة وأهداب كثيرة في مقدمته وأسفله، وكذلك اشتهرت صناعة «المسبت» وهو حزام من الجلد يحيط بالخصر، ويتفرع من الخلف إلى جزأين يوضعان على الكتفين، ثم يتقاطعان على الصدر، ثم يوصلان بالحزام في المقدمة، ويزين المسبت بزخارف فنية ذات ألوان متعددة. وكذلك صناعة حزام الجنبية والخنجر التي يتم صناعتها وتزيينها بحرفية عالية بسبب الإقبال المتواصل عليها حتى الآن. ومن المصنوعات التي تستخدم في حفظ الطعام والشراب «الزمالة» وهي حاوية كبيرة تستعمل لحفظ الأشياء الخاصة و«المسب» وهو جراب لحمل الغذاء، ويحمل على الكتف بواسطة سير من الجلد. و«العصم» جراب من الجلد أيضا لكنه صغير الحجم، له فتحة تقفل بشريطة جلدية و«القطق» وهو جراب أصغر من العصم، وتحفظ فيه االقهوة، وكذلك اشتهرت صناعة الأحذية وهي نوعان «الخف، والنعال»، وصناعة قرب الماء، والدلاء، و«المزاود» وهي أوعية للزاد والأمتعة، ومنها كذلك «العياب» وهي كبيرة وتخزن بها الحبوب، ومنها أيضا صناعة «السروج» ومفردها سرج وهي رحل الخيول والبغال والحمير، ويتبعها أيضا صناعة «اللجام»، و«الرسن». كما تميزت الصناعات الجلدية النجرانية بأغطية «المداهن الحجرية» والمداهن يوضع فيها الأكل، وأغطيتها تجمّل بتقطيعات جلدية توضع على سعف النخيل بشكل جميل وملون، وكذلك تزيين «المطارح» وهي أدوات يوضع فيها الخبز والتمر والزبيب ولها أشكال مختلفة تصنع من سعف النخيل وتغطى بخيوط جلدية غليظة ذات ألوان بديعة وكثيرة، حيث اكتسبت الصناعات الجلدية في نجران جمالا لقدمها ومحافظة سكان المنطقة على اقتنائها وشرائها وتناولها في حياتهم موحية بعلاقة الإنسان العاطفية الجميلة مع موروثه وتراثه.