في ظل ما يشهده العالم من مشروعات للتحول للاستفادة من النفايات وإعادة تدويرها، وبعد أن أصبح إجمالي ما يتم هدره بسبب المخلفات في المملكة العربية السعودية حوالي 40 مليار ريال سعودي سنوياً، أي بما يعادل 10.67 مليار دولار أمريكي، ومع تشديد المختصين على ضرورة استثمار تلك المخلفات؛ قررت المملكة العمل على الاستفادة من حجم تلك المخلفات في المدن وتوفير هذا المبلغ عن طريق إنشاء مصنع لتدوير النفايات. لذلك قامت مدينة جدة التي تأتي كواحدة من أهم المدن السعودية المنتجة للنفايات لاتساعها وامتدادها بتنفيذ مشروع تدوير وفرز النفايات من المصدر وهو الأول من نوعه على مستوى المدن السعودية، حيث يبلغ حجم النفايات السنوي في المدينة حوالي مليوني طن سنوياً. وتتمثل مشكلة النفايات في المملكة في الرمي العشوائي والتخلص من النفايات دون معالجة، وفي مناطق غير مخصصة لها، مع عدم توفر المواقع المهيأة للتخلص السليم من النفايات الخطرة، وغياب القوانين والأنظمة وخطورة التعامل اليومي مع النفايات الخطرة حسب طبيعتها وحالاتها، بالإضافة إلى الإلقاء المتعمد للنفايات الخطرة وانعدام أو قلة معرفة المتعاملين مع النفايات الخطرة في الإدارة السليمة بيئيا، إضافة إلى أن النفايات البلدية الصلبة يتم التخلص منها في مدافن أو محارق مخصصة لهذا الغرض، مما يشكّل هدراً لموارد يمكن إعادة تدويرها أو استغلال مخزونها من الطاقة، وذلك بخلاف الآثار السلبية لتلك المعالجة على البيئة نتيجة لتلويث المياه الجوفية الانبعاثات الغازية وتحديداً غاز الميثان الذي يتسبب في الاحتباس الحراري. وقد أطلق أمين مدينة جدة الدكتور هاني بن محمد أبو رأس على مشروعات تدوير النفايات في المدن السعودية مسمى "الذهب المفقود" في إشارة إلى مليارات الريالات التي لا يتم الاستفادة منها بالإضافة إلى أضرارها على الاقتصاد في حالة عدم الاستفادة منها بشكل سليم. ويعد هذا المشروع من أهم المشاريع التي تعمل على حماية البيئة والمحافظة عليها من التلوث البيئي، وضرورة ملحة لما فيه من فوائد بيئية واقتصادية، ويتضمن مشروع فرز النفايات من المصدر إجراء الفرز الأولي بمعرفة السكان وتخصيص حاويات مميزة ومخصصة لتجميع نوع واحد من أنواع النفايات. وتوفر أمانة جدة أكياساً خاصة توزع بدون مقابل على المنازل والمباني السكنية بكميات مناسبة لعملية الفرز، وفي حال نجحت التجربة يمكن تعميمها في كافة أحياء مدينة جدة وبالتالي في المدن السعودية الأخرى للوصول إلى مشروعات ومصانع يتم فيها تدوير كل النفايات في السعودية والحصول على عائدات مادية منها تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني. يبقى التأكيد على أهمية نشر ثقافة إعادة التدوير والاستخدام بعد أن أضحت ثقافة الاستهلاك والإسراف على حساب ترشيد الموارد هي السائدة في مختلف المجتمعات العربية.