تزامن الاجتماع الذي عقده اتحاد الغرف الخليجية بشأن الأمن الغذائي الخليجي الأسبوع الماضي في صلالة مع تجدد المخاوف بشأن الارتفاعات الكبيرة المتوقعة لأسعار السلع الغذائية العالمية بسبب ظروف الجفاف التي تضرب مناطق مختلفة من العالم وعلى وجه التحديد أمريكا الشمالية، تطل الآن على دول مجلس التعاون الخليجي الأزمة الزراعية التي ضربت دول العالم والمنطقة بين عامي 2007 -2008م وهو ما يشكل تهديدا كبيرا للأمن الغذائي لهذه الدول، وهو الأمر الذي يتطلب أن تعمل معه دول الخليج على تبني إستراتيجية موحدة لتقليص التداعيات السلبية لهذه الأزمة في المدى القصير، وإيجاد حلول جذرية وإستراتيجية لقضية الأمن الغذائي في المدى الطويل. وبهذه المناسبة أشار الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي الأستاذ عبدالرحيم حسن نقي إلى أن قضية تحقيق الآمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت احد التحديات الاقتصادية الهيكلية والمستمرة التي تواجهها هذه الدول خاصة في ظل ما تعانيه من تحديات في الإمكانات الزراعية المتمثلة بالموارد المائية المحدودة والتوقعات المستقبلية بارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية. وعلى الرغم من أن دول المجلس بذلت جهودًا مختلفة من أجل التقليل من فجوة الغذاء وتوفير الأمن الغذائي إدراكًا منها بحجم الآثار السلبية على بلدانها اقتصاديا واجتماعيًا وتنمويًا خصوصًا مع التزايد المستمر في اتساع هذه الفجوة، وأصبحت قضية الأمن الغذائي على رأس الموضوعات التي يتم مناقشتها سواء في إطار منظومة دول المجلس أو على مستوى كل قطر من أقطاره أو على مستوى القطاع الخاص الخليجي غبر غرفه التجارية واتحاد الغرف الخليجية من أجل وضع الحلول الملائمة للحد من آثارها السلبية وتقليل الاعتماد على الخارج في سد هذه الفجوة، إلا أن الحاجة ما زالت ماسة إلى بذل مزيد من الجهد والعمل في هذا المجال.وفي اطار الجهود التي يبذلها اتحاد الغرف الخليجية على هذا الصعيد، نظم الاتحاد اجتماع تحضيري لمناقشة موضوع الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة عمان في صلالة، وحضره ممثلين عن الأمانة العامة لدول المجلس والمنظمات الإقليمية والدولية المتخصصة بغرض أعداد تصور لملتقى موسع يعقد لاحقا. وقد خرج الاجتماع بالعديد من التصورات والحلول العملية. وقد شكل فريق عمل لدراسة هذه التوصيات والحلول ثم يتم تعميمها على الغرف الأعضاء والأمانة العامة لمجلس التعاون والمنظمات المتخصصة لبلورتها وتقيدمها للاجتماع الموسع. وقال نقي ان هناك العديد من الأسباب التي ساهمت وتساهم في اتساع الفجوة الغذائية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تمثل أهمها في محدودية التنسيق الخليجي والمشروعات المشتركة في المجال الزراعي، وضعف الكفاءة الإنتاجية من السلع الزراعية، وضعف استخدام التقنيات والأساليب الحديثة في الزراعة، ومحدودية الأراضي المتاحة للنشاط الزراعي. بالإضافة إلى قلة توافر الموارد المائية وانخفاض كمية تساقط الأمطار، والظروف المناخية القاسية والمتقلبة التي تؤثر على المحاصيل الزراعية، وقلة التمويل الموجه للنشاط الزراعي المقدم للمزارعين والصعوبات التي تواجه المزارعين لتسويق منتجاتهم الزراعية، وندرة العمالة الوطنية المدربة وانعدام الحوافز المشجعة للعمل في القطاع الزراعي وقلة الطاقة الإنتاجية للصناعات الغذائية وضعف قدرتها على تلبية احتياجات السوق كمًا ونوعًا وأردف قائلا، أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالقيام بجهود مشتركة لعلاج وسد الفجوة في المواد الغذائية، واعتماد إستراتيجية خليجية موحدة تقوم على أساس الهم والمصير المشترك من خلال السعي نحو تحقيق التكامل الزراعي الأولي والصناعات الغذائية الذي يراعي المزايا النسبية على مستوى دول المجلس خاصة بعد قيام السوق الخليجية المشتركة، ودراسة اتفاقية تعاون مع الدول العربية التي لديها إمكانيات زراعية كبيرة مثل السودان واليمن وبعض الدول الأفريقية لتخصيص أراضٍ للاستثمار الزراعي تكون ملكيتها وإدارتها وتسويق محاصيلها في أيدي الشركات الخليجية التي تنشأ لهذا الغرض، بالإضافة إلى توعية المستهلكين في دول الخليج لتغيير أنماط الاستهلاك الغذائي بما يتلاءم مع وضع السوق، وإنشاء تكتلات على مستوى مجلس التعاون، للتفاوض مع المنتجين الرئيسيين للمواد الغذائية الأساسية بهدف الحصول على ميزات سعرية وضمانات الإمداد، و اعتماد مبالغ في الميزانيات الحكومية لمقابلة الالتزامات الإضافية المتوقعة جرّاء هذه الزيادات في الأسعار وإنشاء مراكز أبحاث وطنية متخصصة على مستوى مجلس التعاون لدراسة هذه الظاهرة وإيجاد حلول طويلة الأمد لمعالجتها.