بما يتوافق مع السلامة البيئية قامت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بإنتاج أنواع جديدة من الزجاج الملون مستخدمة في ذلك ما يزيد على 74% من غبار الأسمنت لإنتاج الخلطات المكونة لهذا الزجاج ثم معالجته لتحويله إلى زجاج وسيراميك قابل للإنتاج الحراري، حيث قررت الاستفادة من هذا الغبار عن طريق تحويله إلى مواد خام غير تقليدية الأمر الذي يجعله صديق للبيئة، هذا لأن غبار الأسمنت ناتج عن حرق المواد الخام المكونة للأسمنت ويحتوي على العناصر الأساسية لصناعة الزجاج، وقد حصلت المملكة العربية السعودية على براءة اختراع في إنتاج هذا النوع من الزجاج المتميز بصلابة عالية وألوان طبيعية وقد كانت الدراسة الأولى من نوعها تقام في السعودية، حيث تم إجراء اختبارات وتحاليل كيميائية على هذا المنتج من أجل التأكد من سلامته كمنتج تجاري. ومن المعروف أن المنطقة العربية تشهد طلبا ملحوظا على الاستثمار في صناعة الأسمنت على الرغم من أن بها العديد من تلك المصانع، ويعود ذلك إلى أن الدول المتقدمة تعمل جاهدة على التخلص من هذه الصناعة وبدأت تتراجع عن إنشاء مصانع جديدة على أراضيها وقامت بتصدير مصانعها القائمة إلى بعض الدول النامية للتخلص من أضرارها البيئية والصحية، حيث تعد صناعة الأسمنت من أخطر الصناعات على الرغم من أهميتها في تطوير مختلف مناحي الحياة باعتبارها صناعة استراتيجية وضرورية لا يمكن الاستغناء عنها علما بأن أضرارها أكثر من منافعها حيث يتراكم الغبار المحمل بالغازات الملوثة عند خروجه من فوهات مداخن المصانع ليستقر على قشرة الأرض الأمر الذي يؤدي إلى كارثة بيئية تهدد مصادر المياه الجوفية عندما تمطر السماء في فصل الشتاء فتذوب الغازات الملوثة التي حملها معه الغبار لتستقر مع مياه الأمطار في جوف الأرض. ويحتوي غبار الأسمنت المتراكم في المرات الجانبية لمصانع الأسمنت نسبة عالية من مادة تعد أحد أخطر ملوثات البيئة وصحة الإنسان وهي مادة "البورتلاندي" وتعد عملية التخلص منه وقتية ومكلفة دون الاستفادة منه رغم الجهود التي تبذلها مصانع الأسمنت بالمملكة والتي يبلغ عددها 13 مصنعا. وحسب دراسة أجرتها هيئة المساحة الجيولوجية فإن كمية الغبار الناتج من مصنع الأسمنت يمثل ألف طن يومياً أي بما يعادل 365 ألف طن سنويا تقريباً. وقد أثبتت الدراسات أن طحن ألفي طن من مادة الكلنكر وهي المادة الخام التي تدخل في صناعة الاسمنت ينتج عنه حوالي خمسين طن من الأتربة على الرغم من أن النسبة المسموح بها عالميا هي من 15 إلى 25 مليجرام للمتر المكعب، وعندما يصبح الغبار أقل من عشرة ميكرون فإن خطره يكون كبيرا حيث يصبح قابل للاستنشاق بسهولة. وقد أكدت العديد من الدراسات على الضرر الكبير الذي يلحقه الغبار المنبعث من المصانع بالبيئة خاصة حين تكون تلك المصانع بالقرب من البحار وأماكن الزراعة حيث تتسبب في تشكيل طبقة هلامية تضر الأسماك وتهلك البيئة في البحار. وسعيا للتخلص من تلك الأضرار الجسيمة فقد قررت المملكة الاستفادة من هذا الغبار وتحويله إلى مكون آخر مفيد فيتم صهر الخلطات الأولية المحتوية على الغبار وصبها في شكل زجاج ملون شفاف ثم بعد ذلك تتم معالجة هذا الزجاج حرارياً عند درجات الحرارة المرتفعة لتحويله إلى منتج غير معروف تجارياً في المنطقة العربية على الرغم من أهميته وتعدد وتنوع استخداماته وإنتاجه في الدول الصناعية وهو الزجاج السيراميكي.