الحكومات في العالم العربي أجمع لم تكن جادة بالدرجة الكفاية لاحتواء مثل هذه المشكلة أو التقليل منها؛ فهذه المشكلة لها أخطارها الآنية والمستقبلية؛ فهي بالأساس تهدد السلم الاجتماعي من خلال الكثير من الظواهر السلبية الخطيرة التي قد تنجم عنها ومنها. وأصبحت مشكلة البطالة تتنامى يوماً بعد يوم في المملكة، فقد بلغ معدّل البطالة بين السعوديين حسب آخر بيانات ل "حافز" (1.2 مليون عاطل وعاطلة)، أي ما يقارب نحو 37.7%، وقد احتلت المملكة المرتبة الثانية عالمياً بعد الولاياتالمتحدة في حجم التحويلات للخارج، والرابعة عالمياً في استقبال الوافدين، فضلاً عن أن التحويلات الخارجة منها أصبحت تشكّل (عُشر) التحويلات حول العالم. و كل ذلك يعد مأزقاً وأزمة أمام الشباب السعودي أجمع، وأيضاً أصبح العامل الأجنبي يحصل على وظائف أكثر من السعوديين، فقد أفادت وزارة العمل بأن ثمانية ملايين وافد يعملون في القطاع الخاص في السعودية يحوّلون 98 مليار ريال سعودي "26 مليار دولار" إلى بلدانهم، في حين يبلغ عدد العاطلين من العمل في السعودية 448 ألف مواطن ومواطنة، لتصل نسبة البطالة إلى 10.5 في المائة. كما هاجر آلاف السعوديين إلى دول الخليج المجاورة بحثاً عن فرصة عمل، إثر تفاقم البطالة في بلادهم، فرحل أكثر من 2411 سعودياً عن ديارهم للعمل في مدينة الكويت، مثلهم في ذلك مثل الكثيرين الذين استفادوا من اتفاقيات دول مجلس التعاون الخليجي التي تسمح لمواطني دوله السِتّ بالعمل في دول المجلس، حيث يُعاملون معاملة مواطنيها من حيث الرواتب والحوافز. وأكد عدد منهم أن طول مدة البطالة وانتظار أسمائهم طويلاً لدى بعض الجهات الحكومية ساهم في اتجاههم إلى الكويت، إضافة إلى أن الدينار الكويتي يُمثل نقطة جذب، حيث الرواتب والحوافز أفضل كما هو الحال أيضاً مع نظام الإجازات وفترات الراحة وغيرها. ويرى الكاتب طلعت زكي حافظ أن الخروج من مأزق تفشي ظاهرة البطالة في المملكة يتطلب أولاً التعامل بحزم شديد مع مشكلة الإفراط في استقدام العمالة الوافدة، بما لا يضر بطبيعة الحال بمصلحة الاقتصاد السعودي، خصوصاً في ظل تزايد أعداد العمالة الوافدة من عام إلى آخر، بداعي أو من غير داع، فلا بد من وضع حلول قاطعة لها وملزمة التطبيق والتفعيل في القطاعين العام والخاص على حد سواء، فضلاً عن تنامي عدد العاطلين عن العمل، والتنامي الواضح في أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل. وقد لخص الكاتب تركي الأكلبي في أحد مقالاته أسباب البطالة في عدة عوامل ومنها الانفجار السكاني، والذي أدى إلى تزايد أعداد الخريجين والخريجات من الثانوية العامة في مقابل فشل التخطيط السليم ورسم الاستراتيجيات العامة ومن أهمها القدرة الاستيعابية للتعليم، وأيضاً انعدام وجود سياسة تعليمية تعالج احتياجات سوق القوى العاملة الحقيقية للمخرجات التعليمية، وعدم تطور المناهج التعليمية وأساليب التعليم وارتباط النظام التعليمي بالبيروقراطية والأوتوقراطية وانفصامه عن المجتمع وعدم حل مشكلة نظام التقاعد والتي ما تزال تراوح مكانها إلى الآن. بينما يرى صالح الحميدان رئيس لجنة الموارد البشرية في الغرف التجارية أن من يحمل صفة عاطل هو من كان راغباً في العمل وباحثاً عنه، مضيفاً إمكانية الخروج بالرقم الحقيقي للبطالة عندما تصبح فرص العمل متاحة وتعرض على طالب العمل ويتم رفضها، مشيراً إلى أن اللجنة لديها أجندات طويلة تساهم في توظيف السعوديين من الجنسين وخلق بيئة عمل وفرص وظيفية وتأهيل لطالبي العمل، وأعلن عن إصدار اللجنة قريباً «دليل الباحث عن العمل» وهو تحت الطباعة حالياً، ودليلاً آخر تحت الإعداد للشركات باسم «المرشد للسعودة» وكلها تساهم في تثقيف طالب العمل والقطاعات الخاصة لخلق فرص وظيفية.