يشكل (ملتقى الباحة للإعلام - الإعلام والتنمية) حدثاً محلياً مهماً، لاعتبارات كثيرة، من بينها أن الإعلام صار شريكاً استراتيجياً لكل مشروع تنموي نجاح، وفي منطقة الباحة مشاريع وأحلام وأفكار كثيرة، منها ما تم تنفيذه وآخر في الطريق وثالث قيد الدراسة، وكلها تحتاج إلى شراكة حقيقية مع الإعلام لتقديمها إلى المتلقي بشكل مهني موضوعي. وأهمية ملتقى الباحة تكمن في الرؤية المنهجية التي يعتمدها سمو أمير المنطقة الأمير مشاري بن سعود ومعاونوه من فريق عمل مهني وواع، يتطلع إلى إعلام رصين قادر على التماهي مع مشاريع التنمية في المنطقة، على نحو يحقق أهداف تلك المشروعات التنموية، لأن الرصانة الإعلامية شرط أساس في شراكته، أما إذا كان إعلاماً ضعيفاً أو فاقداً لشرط المهنية فإنه لن يكون حجراً مهماً من أحجار الجدار البهي للتنمية في المنطقة. ومن الأهداف الجميلة لملتقى الباحة للإعلام أن المناسبة تأتي استشعاراً من المنطقة لدورها الحضاري في المشاركة المجتمعية المتنوعة، التي تصب في صالح بناء الإنسان السعودي، وزيادة كفاياته المعرفية والمهنية تماهياً مع مفهوم التنمية المستدامة، حيث سيتقاطر على ضفاف المناسبة حشد كبير من المشتغلين بالهم الإعلامي، وسوف تتلاقح أفكارهم وتتبادل الرؤى بينهم، ويتم الاستماع والمناقشة للكثير من المحاور الإعلامية والتنموية، من خلال الورش والمداولات والعصف الذهني سيصل الجميع إلى جملة من الرؤى الاستشرافية والحلول لعدة قضايا والتوصية بجملة من المقترحات المنهجية. ولأن منطقة الباحة من أبرز مناطق بلادنا المؤهلة لأن تكون قبلة سياحية ليس محلياً ولكن إقليمياً وعربياً، فأن حاجتها ماسة إلى أن يضطلع الإعلام المحلي بدوره المهم في التعريف بها، والكتابة عنها، ليس بشكل موسمي ولكن بصورة مستمرة لوجود المصائف والمشاتي هناك، على أن يكون التناول الإعلامي للشأن السياحي بالباحة تناولاً منهجياً بعيداً عن الشخصنة بل من خلال النقد الهادف الذي يوصل الرسالة كما هي، بما يمكن صاحب القرار - أياً كان - من التعرف على الايجابيات فيعضدها وعلى السلبيات فيعالجها. والباحة غنية بتاريخها الذي لم يكتب كاملاً بالرغم من كل جهود المخلصين فيما سبق، إلا أنها منطقة ذات تاريخ ضارب في جذر الزمن، وهي أيضا غنية بموروثها وفلكلورها وثقافتها وإنسانها وآثارها، بما يمكن أن يكون مادة إعلامية زاخرة بكل العمق والجماليات التي يتطلع لها المتلقي، سواء عبر الكلمة المقروءة أو الصورة المتحركة، بل أن من أبناء المنطقة من ذهب بعيداً إلى أن جبال المنطقة وأوديتها يمكن أن تكون مواداً سينمائية لا تقل عن تلك التي يمكن أن تكون في أكناف الطبيعة لأي بلد من بلدان أوروبا فيما رأى آخرون أنها يمكن أن تكون مسرحاً لرياضات مثل تسلق الجبال أو رالي الجبال والطرقات الوعرة كواحدة من الرياضات الميكانيكية. وتشتهر الباحة بحصونها الحجرية وبعضها يزيد عمرها عن ألف عام وبقراها الأثرية مثل قرية ذي عين والقرية الأثرية بالأطاولة وغيرهما ، وكل هذه الكنوز كانت إلى حد ما بعيدة عن الإعلام المسموع والمرئي والمقروء إلا من تناولات لم تكن كافية ولم تقدم هذه المعطيات الحضارية بالصورة الكاملة. ولذلك فإن ملتقي الباحة للإعلام يريد أن يقدم في واحدة من مهامه وأهدافه رسالة إلى الإعلام المحلي بأن المنطقة تحتاج إلى المزيد من التماهي مع هذه المعطيات التي تعد ركناً ركيناً من التنمية المستدامة للوطن السعودي، على أن المهمة في مجملها لا يمكن أن يقوم بها إعلامي هاوٍ ، أو آخر تحت التمرين، بل تحتاج إلى حشد من الإعلاميين المتمرسين - وما أكثرهم - يكونون ضلعاً مهماً من أضلاع معركة التنمية التي تعيش تحدياتها منطقة الباحة كما هو حال سائر مناطق الوطن السعودي الكبير.