ثمة رسالة يجب أن تصل إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي مفادها أن الحديث عن تحقيق السلام في المنطقة سيظل حديثًا مكررًا لا قيمة له ما دامت حكومة الاحتلال الإسرائيلي تحتجز آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجونها. إن شرط الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين وإلغاء عقوبة التوقيف الإداري التي تلقي بالأسرى لسنوات طويلة خلف قضبان الاحتلال يجب أن تكون المدخل الحقيقي لأية مفاوضات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي. إن الإفراج عن عدد قليل من الأسرى من أصل 104 أسرى مسجونين ما قبل اتفاق أوسلو وربط الإفراج عن البقية بشرط تقدّم مفاوضات السلام لا يقدّم بادرة حسن نوايا بل يمكن اعتبارها عملية ابتزاز رخيصة للجانب الفلسطيني كي يقدّم تنازلات أكثر. لقد نجح عدد من الأسرى في فرض شروطهم على السجان الإسرائيلي بجهود ذاتية ومن خلال معركة الأمعاء الخاوية التي خاضوها لشهور طويلة وهو ما يفعله الآن زملاء لهم أدركوا أن السجّان الإسرائيلي لا يمكن أن يرضخ لمطالبهم إلا جبرًا. إن انشغال العرب بربيعهم وثوراتهم وانشغال الفصائل الفلسطينية بمعرفة ما ستسفر عنه جولات المفاوضات العبثية مع "إسرائيل" يجب أن لا تشغل الجميع عن معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها ثلة من الأسرى للمطالبة بالإفراج عنهم وللفت أنظار العالم إلى قضيتهم العادلة. إن بمقدور النخب ومنظمات حقوق الإنسان العربية من خلال تحركها وتسليطها الضوء على هذه القضية أن تجعل من قضية أكثر من خمسة آلاف أسير فلسطيني من بينهم نساء وأطفال على جدول الأعمال اليومي للمجتمع الدولي ومنظماته ومؤسساته لكي تتدخل لدى حكومة الاحتلال من أجل الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا بسبب دفاعهم عن قضيتهم العادلة التي سلب الاحتلال منهم أرضهم وحريتهم. قضية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي يجب أن تحتل أولوية لدى الشارع العربي والمنظمات الحقوقية العربية والدولية التي لا يسمع صوتها وإن سمع كان صوتًا خافتًا لا يتناسب مع المعركة التي تدور رحاها خلف قضبان السجن بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية والأسرى الذين يعانون من سياسة الموت البطيء الممارس ضدهم. والتقصير الرسمي في مساندة قضية الأسرى لا يبرّر لمنظمات المجتمع المدني العربية والحقوقية منها خاصة أن يبقى صوتها خافتًا فتكتفي بالإدانات وحدها فهي مطالبة بعمل منظم من أجل حشد الرأي العام الدولي خلف هذه القضية الإنسانية.