حضرت الأسبوع الماضي دورة تدريبية في الإتيكيت والبروتوكول تميزت بتقديم كم هائل من المعلومات حول ثقافة التعامل مع الآخرين سواء كانوا أفراد العائلة، الأصدقاء، الزملاء في العمل وفي الشارع وما يجب أن تكون عليه تصرفاتنا مع بعضنا، بالإضافة إلى أصول اللباس وإتيكيت الحركات والجلسة وتفاصيل كثيرة وسلوكيات قد نقوم بها أحياناً ولا نعي أنها خطأ وقد تسيء لنا وتترك انطباعاً سلبياً عنا لدى الآخرين ويصعب علينا أن نعدل هذه الصورة مستقبلاً. وقد يكون أكثر ما أعجبني في هذه الدورة ،الجزء، هو تعاملنا مع ذاتنا قبل أن نتعامل مع الآخرين، وكيف نرتقي في أفكارنا التي ستنعكس على سلوكياتنا، والأهم كيف نستمتع في حياتنا فنحن لا ندرك أهمية المتعة في الحياة وكثير منا يفقد الاستمتاع بالحياة ويعيش من أجل الآخرين فقط، وليس عيباأ أن نسعى لإسعاد الآخرين لكن على ألا يكون ذلك على حساب أنفسنا وراحتنا وسعادتنا، فعندما نتعب أو نصاب بأزمة ما لا نجد الناس حولنا ونجد نفسنا حائرة ووحيدة لا تجد من يحتويها ولا تجد من يأخذ بيدها، لهذا علينا أولاً حب ذاتنا والبحث عن الوسائل التي تسعدنا وأن نهتم بنا ونمنحنا حقوقنا ونعتني بصحتنا وأن لا نبخل على أنفسنا بالعطاء وإذا قمنا بكل ذلك ووصلنا مرحلة الرضا التام فعندها يمكننا الاهتمام بالآخرين ومنحهم حقوقهم وإسعادهم فمن لم يسعد نفسه لا يتمكن من إسعاد الآخرين ومن لم يرض ذاته لا يتمكن من إرضاء الآخرين، وهي معادلة صعبة قليلاً إلا أنها سهلة وتجعل الحياة أكثر إتزاناً. فعندما ترضى نفسك تعرف قيمة نفسك فلا تضرها ولا تساهم بإهانتها من قبل الآخرين وبالتالي ترتقي في التعامل ليس من أجل نظرة الآخرين لك وإنما من أجل نفسك التي لها حق لديك، ومن الأمثلة التي طرحها المرزوقي وعلقت في ذهني صورتنا في الطريق عندما يلف علينا أحد السائقين فالخيار لنا أن نعطي انطباعاً إيجابياً أو سلبياً عن أنفسنا بردة فعلنا التي قد تكون بتقبل الموقف بهدوء أو بالعصبية التي ستظهرنا بشكل لا نتمنى رؤيته، فالموقف حصل ومضى ولن نتمكن من استرجاع اللحظة فإذا ما أوقفت المخطئ وعصبت سأضع نفسي في موقف سيتعب ذاتي وإذا ما استغفرت الله ومضيت فأنا ترفعت عن إيذاء ذاتي، وهكذا بالنسبة لكل الأمور الأخرى في حياتنا. هناك أناس يؤذوننا بتصرفاتهم وقد يسعون لتشويه سمعتنا وبالتأكيد أن نفسنا لا تقبل ذلك ونثور غضباً لذلك ولكن إن كانت ردة فعلنا نفس تصرفهم فسنكون مثلهم ونعطي انطباعاً سلبياً عنا ولكن لكي نثبت لأنفسنا وللآخرين بأننا متصالحون مع ذواتنا ونعيش في عالم راق علينا أن نترفع عن إيذائهم ونتجاهل ما يقومون به لأن مستوى ذاتنا أعلى منهم ونعيش في عالم نقي خال من الترسبات والأمراض النفسية التي يعانون منها. سلوكياتنا هي ردة فعل لقناعاتنا وكلما كانت سلوكياتنا راقية حتى مع أعدائنا قدمنا أنفسنا بشكل مختلف وراق وسببنا أزمة لهم لأننا لا نقبل على أنفسنا الرخص في التعامل ولا إهانة ذاتنا بالتعامل بسوقية ورخص. انشغلوا في إسعاد أنفسكم لتعيشوا بسلام وتسامح وأتركوا عنكم السلبية والبحث وراء أخطاء الآخرين فلن تجنوا إلا الأمراض والأذى النفسي!!