تزييف الحقائق وقلب الوقائع من أشنع الجرائم الأخلاقية على مرّ التاريخ البشري, لا أعلم ماذا يدفع البعض إلى ممارسة الزيف المتواصل ضد جزء عزيز وشريك أصيل في منظومة تكوين الوحدة الوطنية وتكريس الشراكة العادلة ما بين الأطياف والفئات كافة. ما يتعرض له الجزء النازف من محاولات المحو والإقصاء من خلال المؤسسات الرسمية والمحسوبة على الوطن يدعو للقلق والحنق والغيظ والغبن على حدٍ سواء, فمن ورقة الاختبار التي تكرس للتفرقة والشتات وتتهم الجزء في معتقده, إلى محاولات التدليس التاريخي عن طريق مؤلفين جدد لم يُعرفوا في علم التاريخ من قبل, وليس لهم ذاك الباع التاريخي الطويل والناجم عن درايةٍ وتتبعٍ ودراسة مقرونةً بإعمال الفكر المستقل النزيه والخالي من العاطفة, إلى ما تناقلته مواقع التواصل مؤخراً من خطاب رسمي لقاضٍ يلتمس الوظيفة التي تجعل له صفةً قانونية وتمكنه من الدعوة في أوساط من يتهمهم بالبدع والمحدثات في العقيدة والعبادات وغيرها على حد تعبيره, ماذا يحدث يا وطن؟.. لا أحد توجه له تلك الإشارات ويصمت ويصبر كما المبتلون في جزئنا العزيز على ما بلاهم به الرب من تُهمٍ متعاقبة..الأسئلة تتزاحم وتتراكم ولا تهتدي طريقاً وكلها تبحث عمّن يشفي نهمها ويخبرها يقيناً, لماذا..؟ وما الذنب المسبب..؟. رواية التاريخ المحترمة لا يمكن أن تسيء لأحد بقصد التصغير والتحقير, كما أنها لا يمكن أن تعتمد على وهن الحديث وضعيف الحجج, رواية التاريخ بطريقة انتقامية لا تثير إلا العكس, ولا يمكن أن تدع غير الآثار السيئة, كما أنها موغل كبير للصدور, وفي ذات الاتجاه فإن الاتهام بالبدعة والإحداث في الدين والشركيات الموجهة ناحية ما لا يمكن أن تأتِ بنتائج حميمية على مستوى العلاقات الإنسانية ما بين أفراد الجزء المتهم والمقصى ومن يتهمه, لا يمكن أن تكون هذه التصرفات إلا نتاجاً لثقافةٍ إقصائية حدّ التطرّف لا تعترف بالتسامح والتصالح كمنهجٍ رئيس لبناء دولة حديثة تعلي من شأن الفرد على أساس فعله وليس بسبب انتمائه المختلف, من يعتمد الاتهام والتزييف كمنهج له؛ لم يتعلم من درس الحياة وثقافة التعايش غير الشك والريبة.وحتى يتم بناء الكيانات القوية المتأزرة والمتكاتفة وتوجيهها نحو مجتمعٍ مدنيٍ يؤسس للعدالة, فإنه لا بد أن يسود الاحترام والتقدير ما بين جميع أفراده وطوائفه, من المهم أن تُسن القوانين المنظمة للعلاقة ما بين الجميع والتي تضمن وتكفل للكلِ حقوقه دون إقصاء أو تهميش. @mohammedtalee