إنه بالإمكان أن يعرف الإنسان طبيعة العمل التي تناسبه، هناك تقييم للشخصية وأنواع الوظائف التي تناسب هذه الشخصية متمثلة في استبيان متخصص لهذا الأمر، فمثلاً لو أثبت التقييم أن الشخص لا يحب التعامل مع الجمهور فإنه حتماً لن يصلح لوظيفة في العلاقات العامة، أو أن هناك من لا يرغب في التدريس أو يجيد التعامل مع الطلبة فإنه لا يصلح للعمل في مهنة التدريس، لأنه حتماً سيفشل، بينما لوضع الإنسان في وظيفة تناسب خصائص شخصيته فإنه سينجح فيها حتماً، بل ويبدع ويتمتع بوقته خلال ساعات العمل، ما يوفر عليه سنوات من التجربة والخطأ بحثاً عن العمل المناسب، إذ إن أكثر ما يشغلنا في هذه الحياة والذي نسعى كثيراً للتميز فيه هو عملنا، لأننا قد نقضي فيه فترة زمنية أكثر من التي نقضيها في بيوتنا مع أسرنا، لذا نجد الكثير من الناس يسعى لإحراز التفوق في عمله والبعض الآخر يشكو من انعدام الراحة النفسية. فكم واحد منا يستيقظ في الصباح سعيدًا لأنه ذاهب إلى عمله، لكن قليلين هم من يفعلون ذلك، والأكثرية على النقيض تماماً، فكثيرون من الموظفين يستيقظون صباحاً من نومهم عابسي الوجه لأنهم غير محبين لأعمالهم وينظرون إلى العمل كونه نشاطاً يستنزف طاقاتهم، فالرضا عن العمل يمثل شرطاً أساسياً للنجاح فيه. أما كيف يصل الشخص لحالة الرضا عن عمله، بالاستمتاع بالأداء الوظيفي في مهامه اليومية في العمل، والاقتناع أن أهدافه وطموحاته لن تتحقق إلا من خلال العمل. ومن أهم المهارات التي ينبغي أن يمتلكها الإنسان في العمل بحيث يكون متميزاً فيه أن يكون مبادراً لأن النجاح لا يأتي صدفة، ولهذا يتطلب إعداداً مسبقاً وتخطيطاً جيداً، ومن يقدر على إعداد نفسه والتخطيط لمستقبله يكن إنساناً مبادراً. للأسف هناك من ينظر إلى عمله غير المحبب له نظرة القسمة والنصيب، المهم أنه عمل يسترزق منه والسلام ونسمع كثيراً من يردد هذه المقولة، لكن هذا كلام الخاملين والمستسلمين وعديمي القدرة على التطور والتغيير الذين لن يحققوا ولن ينالوا أي تميز أو تقدم في الوظيفة خلال رحلة ربما تمتد لعقود، بل ولن يحققوا أية سعادة في مجال العمل فمن يرد أن يعمل في مهنة فليعد نفسه لها إعدادًا جيدًا يجعله متميزًا بين أقرانه من المتقدمين حتى يحظى بها، فهناك دورات تدريبية وهناك تدريب للمهارات لدى جهات متخصصة بشكل مجاني يقدم خدماته في البداية حتى يتمكن ويتميز فلا يخمل أو يكسل ويرضخ للواقع. وأيضاً لابد أن يسأل الإنسان نفسه قبل أن يختار عمله أو يتقدم لوظيفة، فهناك من يبحث عن المال، وهناك من يبحث عن إثبات ذاته في المرتبة الأولى، ثم يأتي المال أو الراتب في المرتبة الثانية، فكثير من الناس ينسون أن أفضل ساعات أعمارهم يقضونها في العمل فإذا كانوا لا يستمتعون خلال هذه الساعات فإنهم حتماً لن يبدعوا في مهامهم فمن الصعب أن يبدع أي إنسان في عمل لا يحبه، ومن أهم عوامل النجاح الوظيفي هو حب المرء للعمل الذي يؤديه. لكن لا ننكر أن المال عنصر مهم جداً في اختيار الوظيفة، وكما قلت في البداية لابد وأن يعرف الإنسان هدفه من العمل عندما يبحث عن وظيفة، فإذا كان الراتب الذي يرضيه ويحقق مطالبه فلابد وأن يبحث عن مجال يلبي هذا الطموح ويعد نفسه للعمل فيه. إنه الاستعلام المسبق عن حدود الراتب المتوقع للوظيفة ما يضع إجابة تخرجه من الحيرة كما أن جهات عمل يسهل فيها المفاوضة على الراتب تبعًا للخبرة والمهارات التي يمتلكها المتقدم للوظيفة لكن لا يضع سقفًا محددًا للراتب، فالراتب موضوع يقبل التفاوض عليه وليكن مرناً حتى لا يفقد الفرصة، من الخطأ أن معظمنا يلجأ إلى الوظائف ذات الدخل الثابت والتي تورطه مع تقدم السنين في مشاكل بين الدخل والمصروف، فالأسعار ترتفع والمسؤوليات تزداد والراتب ثابت ومهما حاول أن يقلص مصروفاته ويتقشف فإن هذا الحل لن يسعفه على المدى البعيد بل سيؤدي به إلى الشعور بالحرمان أو الغرق في الديون، ولذا عليه التنوع في مصادر الدخل، كأن يقوم بإنشاء مشروع خاص لنفسه بناء على ما لديه من خبرات في الوظائف السابقة ليكون هو رب العمل وصاحب الأرباح بالكليّة.